هل تجدد أميركا جلدها في سوريا ؟ .. اشتعال الصراع بين أذرع واشنطن “قسد” و”الخبيل” من جديد !

وكالات – كتابات – نسيم كربلاء :
وسط مظاهر التوتر المستمرة منذ نحو أسبوعين بين القوات الأميركية ونظيرتها الروسية؛ في منطقة “شرق الفرات”، شمال شرقي “سوريا”، تجدّد على حين غرّة الخلاف القديم/الجديد بين “قوات سوريا الديمقراطية”؛ (قسد)، وذراعها العسكرية العشائرية في المنطقة، “مجلس دير الزور العسكري”؛ الذي يقوده؛ “أحمد الخبيل”، المعروف بلقب: “أبو خولة”.
وقد بلغ التصعيد الداخلي ذروته مع تسّريب تسجيل صوتي للأخير يُهدّد فيه باستعداد قواته لخوض غمار أي معركة داخلية أو خارجية.
اتهامات “دير الزور العسكري”..
وفي التسّجيل الصوتي؛ الذي نُشر أمس على مواقع التواصل الاجتماعي، اتهم “الخبيل”؛ قيادة (قسد)، بتعييّن ما سمّاه: “مفوضًا سّاميًا” في “دير الزور” للتحكّم بمصير المنطقة، وقال إنّه أعطى تعليماته لجميع عناصره بالاستنفار استعدادًا لمواجهات قادمة وصفها بحرب خارجية وداخلية مع أطراف عدّة يختلف معها؛ ومن بينها قيادة (قسد) و(قوات الآسايش)؛ التابعة لها، ومع “الإدارة الذاتية الكُردية”.
وهاجم المندوبين السّاميين المعيّنين من (قـسد) في المنطقة: “روني” و”باران”، واصفًا إيّاهما بالمحتلين.
وكشف أنّ (قسد) تُحاول أن تُفرض عليه الكثير من الأمور التي لا يقبل بها، مثل العودة إلى حضن الدولة السورية أو التصالح مع “تركيا”، وأنّ بين المنتمين إلى (قسد) من وصفهم بالخونة، مهدّدًا بفضح الكثير من الأمور الأخرى إن لم يتمّ حلّ مشكلاته كتلميح إلى طي قرار عزله المزمع إعلانه.
التلويح بحرب “طاحنة”..
وأكّد أنّ الوضع قادم نحو حرب سيخوضها مع العشائر ضدّ من يخونون القضية التي يعمل من أجلها، وسيستهدف من اعتبر أنّهم يقفون ضدّه ويتلونون بحسّب مصالحهم، وستكون حربًا طاحنة لا تنتهي إلاّ بانتهاء أحد أطرافها.
وقال “الخبيل” كذلك؛ إنّ بعض القيادات في (قسد) تُحاول أن تشوّه سمعته وما قدّمه خلال الفترة الماضية، وأنّه يرفض ذلك جملةً وتفصيلاً. كما هاجم بعض وجهاء العشائر وشيوخها الذين وصفهم بالعملاء للدولة السورية، مطالبًا أبناء العشائر بالوقوف إلى جانبه.
تطويق نفوذ “الخبيل”..
وجاء التسّريب الصوتي بعد أيام من إحضار قوات (قسد) تعّزيزات عسكرية من منطقة “الشدادي” إلى منطقة “البصيرة”؛ التي تُعتبر مقرّ “الخبيل” ومركز حاضنته العشائرية، حيث ينتمي معظم مقاتليه إلى ابناء هذه المنطقة، كما قامت برفع يده عن الحواجز العسكرية المنتشرة في المدينة ومحيطها، ووضعتها تحت تصرّف قوات الأمن الداخلي التابعة لها؛ (الآسايش)، في خطوة تهدف إلى تطويق نفوذ “الخبيل” وإظهاره أمام حاضنته بمظهر غير القادر على الدفاع عن نفسه، وكوسيلة ضغط أيضًا لإجباره على التراجع عن طموحاته التي تغذّت على مسّاعي القوات الأميركية لتقوية روابطها مع قوات العشائر العربية؛ مثل “قوات الخبيل” أو قوات (الصناديد) في “الحسكة”، لمواجهة النفود الإيراني في المنطقة.
وذكرت مصادر ميدانية أنّ “الخبيل” حاول احتواء خطوة (قسد) الاستفزازية، فأوعز إلى مقاتليه بالتخلّي عن الحواجز وعدم المبادرة إلى الاصطدام بالقوات البديلة، مشيرةً إلى أنّ قيادة (قسد) كانت تتوخّى من وراء هذه الاستفزازات أن يُبادر “الخبيل” إلى إطلاق الرصاصة الأولى لتكون ذريعة لها لتنفيذ خطة الإطاحة به، لا سيما بعدما وصلت الخلافات بينهما إلى أفق مسّدود نتيجة تصريح “الخبيل” أكثر من مرّة أنّه جزء من “الثورة السورية”؛ وسيسّعى إلى رفع علم هذه الثورة في مناطق سّيطرته، الأمر الذي لا يمكن أن تقبل به (قسد).
تحركات مريبة لـ”قسد”..
وترافق ذلك مع استمرار استقدام (قسد)؛ “القوات الخاصة”؛ (كوماندوس)، وقوى “الأمن الداخلي” إلى ريف “دير الزور” الشرقي، حيث يُسّيطر المجلس العسكري، مقابل استمرار المجلس العسكري بحشد مضاد في بلدة “الصور”؛ شمال “دير الزور”، وبلدة “الكبر” غرب المحافظة.
ومنذ مطلع تموز/يوليو الجاري، أرسلت (قسد) تعّزيزات عسكرية إلى الضفة الشرقية لـ”نهر الفرات”؛ شرق محافظة “دير الزور”، مؤلفة من مدرعات تابعة لقوات (المهام الخاصة)؛ وأخرى من فصيل (الصناديد).
وقال مصدر قيادي في “مجلس دير الزور العسكري”؛ في حينه، إنّ القوات العسكرية التابعة للمجلس على خطوط التمّاس مع النظام السوري استبُدلت بها أخرى قادمة من محافظتي “الرقة” و”الحسكة”.
وأضاف أنّ قوات “مجلس دير الزور”؛ المنتشرة على الطريق العام المحاذي للنهر من الجهة الشرقية، انسّحب معظمها، وسلّمت نقاطها إلى قوات “الأمن الداخلي”؛ (آسايش)، في حين توزعت القوات المنسّحبة على نقاط عسكرية متفرّقة على ضفة النهر بين بلدة “جديد عكيدات” حتى “الشحيل”.
تاريخ من التوترات والمشاحنات..
وليست هذه المرّة الأولى التي تتوتر فيها العلاقة بين (قسد) و”الخبيل”، إذ ذكرت تقارير إعلامية؛ في العام 2018، أنّ “قوات سوريا الديموقراطية” عزلت “الخبيل”، في ظلّ تفاقم الخلافات بين المجلس و(قسد)؛ بسبب الخسّائر التي تكبّدتها في معارك ضدّ تنظيم (داعش) في ريف “دير الزور”.
وتأسس “مجلس دير الزور العسكري”؛ عام 2016، بمسّعى من “قوات سوريا الديموقراطية”؛ التي كانت تحتاج إلى مكوّن عربي يخوض معها المعركة ضدّ تنظيم (داعش)، الذي كان لا يزال يُسّيطر على محافظة “دير الزور”؛ آنذاك.
ولكن منذ هزيمة التنظيم بدأت التناقضات بالانفجار بين (قسد) و”الخبيل”، لا سيما بعدما تكرّست سياسة الأولى الرافضة لإعطاء أي دور حقيقي للمكوّن العشائري في إدارة المنطقة والاقتصار على اعتباره مجرد إكسسوار لإظهار وجود تمثيل عربي. وقد حاول “الخبيل” اللعب على هذا الوتر من خلال محاولته أخيرًا الحصول على مبايعات من شخصيات عشائرية في “سوريا” وخارجها، باعتباره أمير “قبيلة زبيد”؛ التي تضمّ الكثير من العشائر المنتشرة في “سوريا والعراق” وحتى بعض دول الخليج.
التوجس من النوايا الأميركية..
ويبدو أنّ (قسد) لم تشعر بقلق حقيقي من تحرّكات “الخبيل” الأخيرة؛ إلاّ بعدما شعرت برغبة القوات الأميركية في إعادة ترتيب علاقتها بقوات بعض العشائر العربية، وهو ما تبدّى جليًا من خلال لقاء وفد رفيع من الضباط الأميركيين قائد قوات (الصناديد)؛ “حميدي دهام الجربا”، في حزيران/يونيو الماضي، وكذلك مع تجدّد الحديث عن “مشروع الحزام العشائري” في المنطقة لمواجهة النفوذ الإيراني والعمل على قطع “معبر البوكمال” في وجه الميليشيات الإيرانية، وفق ما تتداوله بعض مراكز الأبحاث التابعة للمعارضة السورية.
وذكر موقع (الخابور)؛ أنّ “مجلس دير الزور العسكري” استنفر قواته في المنطقة على خلفية توتر مع ميليشيا “حزب الاتحاد الديموقراطي”؛ (ب. ي. د)، التي يُعتبر المجلس الذي يقوده “الخبيل” ذراعها في المنطقة.
وأضاف أنّ التوتر جاء على خلفية التعزيزات العسكرية التي أرسلتها الميليشيا من قوات (الكوماندوس الكُردية) وقوات (الآسايش)؛ في الفترة القليلة الماضية، إلى مناطق سّيطرتها في “دير الزور”، مشيرًا إلى أنّ التعّزيزات العسكرية المستحدثة سّيطرت على كل الحواجز في ريفي “دير الزور” الشرقي والغربي وطردت عناصر “مجلس دير الزور العسكري” منها، وذكرت أنّ قوات (ب. ي. د) تمركزت بشكلٍ أساس في حقلي “العمر” و”كونيكو”.
واعتبر أنّ الهدف منها تقليص دور “مجلس دير الزور العسكري” ومنع تواصله بشكلٍ منفرد مع قوات “التحالف الدولي”، التي كانت التقت بعض قيادات المجلس وزعامات عربية عشائرية بهدف تشكيل قوات منها ضدّ التمدّد الإيراني في المنطقة.