التقارير

“قانون العفو العام” .. بين المخاوف والعراقيل بطريقه نحو “البرلمان العراقي” !

وكالات – كتابات – نسيم كربلاء :

لم يأخذ مشروع “قانون العفو العام”؛ في “العراق”، لغاية الآن، طريقه نحو التشّريع داخل “البرلمان العراقي”، بعد أكثر من شهر على موافقة مجلس الوزراء عليه وإرسّاله إلى “مجلس النواب”، وهو ما يرفع من شكوك ومخاوف القوى العربية السُنية.

وتتخوف تلك القوى من احتمال إفراغ المشروع من محتواه وعرقلة التصّويت عليه، ومحاولة تعطيله أو إخفائه من ملفات الجلسات البرلمانية المقبلة، بفعل ضغوط من قبل قوى سياسية وفصائل مسّلحة حليفة لـ”طهران”، تدّعي أنه يُسّهم في إرباك الوضع السياسي والاجتماعي والأمني.

وخلال السنوات الماضية؛ تم الزج بآلاف العراقيين في السجون بناءً على وشايات: “المخبر السري”، وهو النظام الأمني المعمول به في “العراق”، وكذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، فيما تُطالب القوى السياسية العربية السُنية بتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين وإعادة النظر بالأحكام التي صُدرت بحقهم، ما تعرضه قوى وأحزاب تنضوي غالبيتها اليوم في (الإطار التنسّيقي)، وهو التحالف الحاكم في “العراق”.

وفي وقتٍ سابق من الشهر الماضي؛ صُدر بيان عن مكتب رئيس الحكومة العراقية؛ “محمد شيّاع السوداني”، أكد فيه: “إجراء مراجعة قانونية للقانون، بهدف تعريف جريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية، لتشمل كل من ثبت أنه؛ (عمل في التنظيمات الإرهابية أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكلٍ من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وُجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية)”.

لم يصل حتى الآن !

وصوّت مجلس الوزراء العراقي، الأسبوع الماضي، على مشروع تعديل “قانون العفو العام”؛ وإحالته على “مجلس النواب”، إلا أنه لم يصل البرلمان لحد الآن، وفقًا لتصريح عضو “اللجنة القانونية” بالبرلمان العراقي؛ النائب “رائد المالكي”.

وأكد “المالكي”؛ في تصريح صحافي، أن: “مجلس النواب؛ لم يتلق مسّودة أو مشروع قانون للعفو العام أو لتعديله منذ تشّريعه في عام 2016، وأن ما وصل إلى مجلس النواب هو نسّخة من قرار مجلس الوزراء، والذي بموجبه كلف الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بإعداد مسّودة قانون للعفو العام”.

وكان “البرلمان العراقي” قد أقرّ “قانون العفو العام”؛ في نهاية آب/أغسطس 2016، بعد خلافات سياسية طويلة، لكن كتلاً نيابية اعتبرت أنه أفرغ من محتواه، بعد حذف عدد من البنود والفقرات المتعلقة بمراجعة ملف المحكومين وظروف محاكمتهم، فيما تمّ التعديل الأول للقانون؛ في مطلع تشرين ثان/نوفمبر 2017، بعد طلب تقدمت به قوى سياسية تنضوي حاليًا ضمن (الإطار التنسّيقي).

وتضمنت أبرز التعديلات شمول الأشخاص المعتقلين من الذين تُجرى تسّوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، إضافة إلى شموله مَن يتم تسّديد ما في ذمتهم من أموال للمصلحة العامة عن جرائم الفساد.

كما عُدِّلت؛ وقتها، فقرة تمنع العفو عن جميع من أدينوا وفقًا لـ”قانون مكافحة الإرهاب” المعمول به في البلاد، بعد العاشر من حزيران/يونيو 2014، وهو تاريخ احتلال تنظيم (داعش)؛ مدينة “الموصل”، شمالي البلاد، كما عّدلت أيضًا الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو.

كما مُنح وفق التعديل من أمضى ثُلث مدة محكوميته بجرائم التزوير إمكانية العفو، مع استبدال ما بقي من فترة سجنه بواقع: 50 ألف دينار؛ (نحو 33 دولارًا)، عن اليوم الواحد.

القانون يُمثل مطلبًا شعبيًا وسياسيًا..

وقال عضو “اللجنة القانونية” في “البرلمان العراقي”؛ النائب “محمد عنوز”، إن الحديث عن مشروع “قانون العفو العام” لا يزال في بداياته، بعد أن أرسّله مجلس الوزراء إلى البرلمان، مشيرًا إلى أنه سيتم تدقيقه وفحص محتواه خلال الفترة المقبلة.

وأضاف: “من المفترض أن تجري عملية متابعته وفق القانون، ولن نسّمح للتأثيرات السياسية بتعطيله، لوجود مطالب شعبية بشأنه، وأن البرلمان يُراعي هذه المطالب”.

وبحسّب “عنوز”؛ فإن هناك اتفاقات سياسية جرت بين أطراف سياسية مع رئيس الحكومة، قبل تكليفه، وكان من أبرز الاتفاقات هو “قانون العفو العام”، بعد إجراء مراجعة قانونية للقانون، مبينًا أن: “القانون يُمثل مطلبًا شعبيًا واجتماعيًا وسياسيًا أيضًا، عدا عن أنه يُسّهم في رفع الظلم ويدفع باتجاه تحقيق العدالة، لا سيما وأن هناك وثائق كثيرة تُشير إلى أن نسّبة كبيرة من السجناء في بعض المحافظات أدينوا قضائيًا نتيجة ما سُمّي: بـ”المخبر السري”.

“السيادة” لن يتنازل عن الاتفاق مع “السوداني”..

من جهته؛ أشار عضو تحالف (السّيادة)؛ “حسن الجبوري”، في تصريحات صحافية، إلى أن: “القوى السياسية السُنية مُصرّة على تحقيق الاتفاقات السياسية التي عُقدت مع رئيس الحكومة؛ محمد شيّاع السوداني، وأن هذه القوى لن تتنازل عن هذا الاتفاق، وستعمل بكل جهدها من أجل تشّريع قانون العفو العام، رغم أنه يتعرض إلى هجمة كبيرة من قبل بعض الأحزاب، التي لا تخشى منه لأسباب سياسية وانتخابية”.

وفيما قال “الجبوري”؛ إن: “هناك عشرات الآلاف من السجناء الأبرياء القابعين في السجون ظلمًا، ولا بد من إنصافهم”، اعترف بوجود خلافات سياسية بشأن جزئية: “تعريف الإرهاب”، مشيرًا إلى أن: “القوى السياسية المؤيدة والداعمة لإقرار قانون العفو العام، لن تسمح بالإفراج عن الإرهابيين، ومنع تسّوية ملفاتهم”.

واستطرد قائلاً: “بعض الجهات والأحزاب السياسية الداعمة لحكومة السوداني، تعمل على منع ظهوره في البرلمان، بل وإفراغه من محتواه، وعرقلة التصّويت على القانون، لكن قوى سياسية وكتلاً داخل البرلمان تسّتعد للتصّويت عليه خلال الفترة المقبلة”.

لكن عضو “مجلس النواب” العراقي عن (الإطار التنسّيقي)؛ النائب “محمد البلداوي”، هاجم مؤخرًا القوى السياسية المطالبة بإقرار “قانون العفو العام”، وقال في تصريح صحافي، إن: “(الإطار التنسّيقي) لن يسّمح بتمرير قانون العفو العام، لأنه سيُخرج إرهابيين وقتلة الشعب، وسيعمل على زعزعة الوضع الأمني وضرب والاستقرار”.

وأشار إلى أن مطالبات بعض الكتل السياسية بتنفيذ “قانون العفو العام” تتصاعد في أوقات محددة؛ خصوصًا مع اقتراب الانتخابات سواء كانت نيابية أو محلية، واصفًا هذه المطالبات: بـ”المتاجرة السياسية وكسّب الأصوات لا غير”.

الحاجة لإقرار القانون..

بدوره؛ رأى الخبير القانوني العراقي؛ “علي التميمي”، أن: “هناك حاجة فعلية لإقرار قانون العفو العام، بسبب اكتظاظ السجون وانتشار الأمراض فيها، ناهيك عن وجود أعداد كبيرة من السجناء، سجُنوا ظلمًا”.

وأضاف: “تبدو الرغبة الشعبية واضحة في المطالبة بإقرار قانون للعفو العام يُنصف فئات كبيرة ويُسّهم في تعزيز السّلم المجتمعي؛ ويُزيد ثقة المواطن بالحكومة”، معتبرًا أن: “من واجب البرلمان العراقي الاستعجال في إقرار القانون، خصوصًا بعد أن استكمل مجلس الوزراء ملاحظاته بخصوص مسّودة القانون”.

وسّبق أن وجه رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، بفتح ملف انتزاع الاعترافات قسّرًا خلال التحقيقات القضائية، منتصف تشرين ثان/نوفمبر الماضي، داعيًا كل من تعرّض لأي صورة من صور التعذيب أو الانتزاع القسّري للاعترافات إلى تقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معّززةً بالأدلة الثبوتية، كما خصّص بريدًا إلكترونيًا لاستقبال الشكاوى.

وخلال السنوات الماضية؛ زُجّ بآلاف العراقيين داخل السجون، بناءً على اعترافات انتُزعت منهم تحت التعذيب ومحاكمات غير أصولية، أو بسبب: “التهم الكيدية” من قبل من يعملون: “مخبرين سّريين”، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت سقف العداوات الشخصية والتصفيات السياسية.

وأُقر نظام: “المخبر السرّي” في عهد رئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”، (2006 ـ 2014)، كأحد أساليب الحصول على معلومات أمنية، وهو ما أسّفر عن زج آلاف المواطنين في السجون، فيما يُطالب ذووهم السلطات بإعادة محاكمتهم، أو السماح لهم باستئناف الأحكام التي صدرت بحقهم بناءً على معلومات: “المخبر السرّي”.

اترك رد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
بحضور شخصيات أكاديمية وسياسية المعهد التقني النجف يشهد افتتاح النادي الطلابي مجلس المحافظة يصوت على اختيار المحافظ ونائبيه بلدية العمارة جهد مستمر في اعمال الصيانة والأكساء لشوارع مناطق المحافظة الزهيري يطلق نظام إدارة ومتابعة خطة البحث العلمي في جامعة الفرات الأوسط التقنية السيد الصافي: وجود السيّد السيستاني في العراق يمدّ المواطنين بالطمأنينة وكلامُه بلسم للجراح المرجع الأعلى السيد السيستاني (دام ظلّه) يعزي بوفاة العلامة الشيخ محسن علي النجفي (رحمه الله تعالى) خلال لقائه “اللامي” .. “السوداني” يؤكد حفظ حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة ! رئيس الوزراء يحذر من الردّ المباشر على استهداف السفارة الأمريكية من دون موافقة الحكومة محمود المشهداني يزور نقابة الصحفيين العراقيين ويشيد بالدور الفاعل للنقابة والأداء المهني والإداري في... الشيخ الكربلائي يتشرف باستقبال نجل المرجع الديني الاعلى سماحة السيد محمد رضا السيستاني في منزله