“لما بنتولد” فيلم مصري وجد طريقه الى الترشيحات لجوائز الأوسكار
ظلّ المخرج المصري تامر عزت يحلم لأكثر من 12 عاما بتقديم فيلم غنائي على غرار الأفلام القديمة بالأبيض والأسود، حتى حقق حلمه من خلال فيلمه “لما بنتولد” الذي عرض للمرة الأولى ضمن الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي في أيلول 2019، أما المفاجأة فكانت اختياره لتمثيل مصر في السباق إلى جوائز الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي.
ويدور الفيلم الذي شاركت في كتابته السيناريست الراحلة نادين شمس حول قصة ثلاثة شباب يسعى كل منهم إلى تحقيق حلمه: الأول يريد أن يشق طريقه في الغناء، وامرأة مسيحية تقع في حب شاب مسلم، وثالث يعمل في مجال التدريب الرياضي ويواجه تجربة اجتماعية تغير حياته.
ويقول المخرج تامر عزت لوكالة (نسيم كربلاء الخبرية ) إنه علم بترشيح الفيلم ليمثل مصر في الأوسكار من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يتبلغ رسميا بذلك، ويعبّر عن سعادته بهذا الترشيح الذي يعتبره “انتصارا لهذا النوع من الأفلام القليلة التكلفة” والمعروفة في مصر بالسينما المستقلة.
ويقام الاحتفال الثالث والتسعون لتوزيع جوائز الأوسكار في 25 نيسان 2021 في لوس أنجليس.
وكل عام تقوم لجنة اختيار الفيلم المصري التي تشكلها نقابة المهن السينمائية، باختيار فيلم عرض في السينما خلال السنة الفائتة، ليمثل السينما المصرية في مسابقة الأوسكار المرموقة.
وتضم اللجنة مجموعة من السينمائيين منهم المخرج أمير رمسيس والناقدة ماجدة خير الله والناقد مجدي الطيب والناقد طارق الشناوي.
واختارت اللجنة العام الماضي فيلم “ورد مسموم” للمخرج أحمد صالح، وعام 2018 فيلم “يوم الدين” للمخرج أبوبكر شوقي.
وكتبت نادين شمس السيناريو الأول للفيلم العام 2007. ويقول تامر عزت “انعكست سنوات الانتظار (قبل صدور الفيلم العام الماضي) بشكل إيجابي على الفيلم. أصبحت أكثر نضجاً وخبرة، طوّرتُ السيناريو الذي كتبته شمس وحاولت ألا أنفرد بالعمل كوني مخرجه، فشاركت كل تفاصيله مع فريق العمل والممثلين الذين أضافوا الكثير للشخصيات من واقع نظرتهم الشابة واليومية”.
ويشارك المطرب أمير عيد في بطولة الفيلم، كما أنه كتب ولحن وغنّى فيه.
ويقول عزت إن اختباره كان جيداً مع الممثلين الذين “هم وجوه شابة وخبرتهم ما زالت في طور التكوين”.
ويصنف العمل كفيلم غنائي لاحتوائه على حوار موسيقي يتسلل إلى الأحداث تدريجياً. ويؤكد عزت أن “كل أغاني الفيلم كتبت منذ البداية كجزء من السيناريو وساهمت في بعض الأحيان في تدفق الأحداث، أي أنها صنعت بشكل خاص بما يتوافق مع السياق الدرامي للفيلم، ولم تضف إليه في ما بعد”.
ويشير عزت الى أن الفكرة استوحيت من فيلم تسجيلي سابق له ولشمس بعنوان “مكان اسمه الوطن” كان يدور أيضا حول أحلام الشباب في مرحلة العشرينات، الشباب الذين يفكرون بالهجرة، وما هو مفهوم هذا الجيل للوطن وبحثه الدائم عن هويته وتحقيق أحلامه”.
ويتابع “داخل فيلم +لما بنتولد+ كانت هناك قرارات مصيرية قدمناها في حكايات على نطاق أوسع”.
– صعوبات إنتاجية –
وتواجه الأفلام القليلة التكلفة إجمالا صعوبات في الحصول على جهات إنتاجية، وتتضاعف هذه الصعوبات مع عدم وجود أسماء نجوم من الصف الأول في العمل، إضافة الى أن الأفلام الغنائية أصبحت نوعاً غير رائج في الصناعة السينماية، ويعتبرها بعض المنتجين مخاطرة كونها تتطلب إنتاجا ضخما.
لكن عزت يشرح أن تجربته في هذا الفيلم ربما تغير مفهوم المنتجين في ما بعد وتوفّر فرصا أخرى لتقديم أعمال مشابهة. ويضيف “حاولنا الإفادة من كل الإمكانات المتاحة أمامنا. احيانا كنت أتولى التصوير بنفسي بكاميرا يد صغيرة. إذا نظرنا الى ميراثنا السينمائي سنجده مليئا بمثل هذه الأعمال التي قدمها الفنانان فريد الأطرش ومحمد فوزي. هما قدماها في زمن كانت الإمكانات فيه أقل مما نملكه نحن اليوم من أدوات أكثر تطوراً”.
وأنتج الفيلم معتز عبد الوهاب المعتقل منذ أشهر في السجون المصرية بتهمة “المشاركة في جماعة إرهابية، وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة”.
ويرجع المخرج تامر عزت المشكلة الأساسية التي واجهت الفيلم إلى عدم تخصيص موازنة توظف للترويج التجاري له، أي أن الفيلم لم يحصل على الدعاية المناسبة عند عرضه في السينما. ويقول تامر إنه اعتمد مع فريق العمل طرق ترويج ذاتية وغير احترافية بسبب ضعف ميزانية الإنتاج، وذلك عبر الإعلان على صفحاتهم الشخصية على “فيسبوك” بمساعدة أصدقاء لهم. واستمر عرض الفيلم داخل دور السينما لمدة شهرين ثم اشترت حقوق عرضه قناة “أو سي أن” التلفزيونية المشفرة.
ويرى عزت أن العرض التلفزيوني “أصبح وسيلة أكثر انفتاحًا وترويجاً للكثير من الأفلام السينمائية القليلة التكلفة والتي لم تلق إقبالاً واسعاً من الجمهور”، إذ تحصد هذه الأفلام “انتشارا أوسع بحكم وجود التلفزيون في كل بيت”.
ومن الأفلام التي اشتهرت أكثر بعد عرضها تلفزيونيًا، فيلم “عين شمس” للمخرج إبراهيم البطوط، وأفلام “هليوبوليس” و”فرش وغطا” و”ميكروفون” للمخرج أحمد عبدالله.
ويرى تامر عزت أن المشاهدة التلفزيونية “تفقد الجمهور الإحساس بجمال العرض السينمائي، الصورة على شاشة السينما أضخم من المشاهد، الشاشة الكبيرة دائماً تعطي قيمة أكبر للعمل، الأفلام تصنع للعرض السينمائي وليس التلفزيوني، ولكن العرض على الشاشة الصغيرة محاولة بائسة ومهمة في الوقت نفسه لصناع الفيلم للانتشار والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور”.