الانتخابات العراقية بين صورة المرشح وصوت المواطن

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
في كل موسم انتخابي في العراق، تتحول الشوارع إلى معرض مفتوح للصور واللافتات الانتخابية، حتى تكاد الأرصفة والجدران تفقد ملامحها الأصلية تحت وطأة الإعلانات والوجوه المكررة. فترى صور المرشحين تتدلى من أعمدة الكهرباء، وتغطي الجسور والمدارس وحتى واجهات البيوت، في مشهد أقرب إلى الفوضى البصرية منه إلى الدعاية الانتخابية المنظمة.
يبدو أن كثيراً من المرشحين يعتقدون أن كثرة الصور توازي كثرة الأصوات، وأن حجم اللافتة هو الذي يحدد حجم التأييد الشعبي. غير أن التجارب الانتخابية في الدول المتقدمة، وحتى في بعض الدول العربية، تثبت أن هذا النوع من الدعاية المبالغ فيها لم يعد يجذب الناخب الواعي، بل قد يثير نفوره واستياءه. فالمواطن اليوم يبحث عن المضمون، عن البرنامج الانتخابي، عن الكفاءة والنزاهة، لا عن الوجه المبتسم المعلق على الجدران.
إن المبالغة في استخدام الصور واللافتات لا تعبّر عن حيوية ديمقراطية بقدر ما تعكس غياب الرؤية الاتصالية الحديثة، وتكشف عن فهم قاصر لجوهر العملية الانتخابية. فالدعاية الانتخابية الناجحة لا تقوم على الإبهار البصري، بل على الإقناع الفكري، وعلى التواصل المباشر مع المواطن عبر الحوار واللقاءات والبرامج الواقعية.
أيها المرشح، دع عملك يتكلم عنك قبل صورتك. أعلن عن نفسك بشكل حضاري، وقدّم مشروعك الانتخابي بوضوح وصدق، لا بوعدٍ لا يتحقق ولا بشعارٍ أجوف. كن قريباً من الناس، استمع إلى همومهم وكن صادقاً في وعودك، فثقة الناخب لا تُشترى بالصور، بل تُكتسب بالفعل والنزاهة.
فالشعب لن يمنح صوته إلا لمن يثق بقدراته وإخلاصه، لا لمن يغزو الشوارع بصوره، ثم يختفي بعد فوزه خلف جدران المكاتب.
لقد آن الأوان لأن نرتقي بثقافتنا الانتخابية إلى مستوى يليق بعراقٍ يريد أن ينهض، وأن نمنح العملية الانتخابية معناها الحقيقي: التنافس في خدمة الناس، لا في تزيين الشوارع.
7/10/2025
 
				



