ماذا لو لم تكن هناك حصة تموينية
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
بقلم : هادي جلو مرعي
تلجأ الحكومات العاقلة الى إجراءات فاعلة وحقيقية تتجاوز الروتين والإجراءات التقليدية حين يتعرض الأمن الغذائي الى الخطر بسبب الحروب والأزمات التي تضرب العالم نتيجة تداعيات الأحداث السياسية، أو العقوبات التي تفرض بفعل مشاكل وتحديات معينة، وقد يكون هناك إجتراح للحلول، وتجاوز لبعض القوانين، أو تعطيل مؤقت لها لحين عبور المحنة التي تتسبب بسلوكيات غير قانونية، وغير إنسانية تؤذي قطاعات شعبية واسعة، وهي في الغالب القطاعات الأكثر عرضة للحرمان والجوع، وعدم القدرة على تلبية المتطلبات الطبيعية للأسرة، مع إرتفاع الأسعار، وشحة السلع والبضائع والمواد الغذائية.
بعض الإجراءات التي أتخذت خلال الأسابيع الماضية كانت ضرورية بالفعل مع تطور الأحداث في شرق أوربا، وإشتداد حدة المعارك في أهم جغرافيا زراعية في العالم تنتج مايقارب من المائة مليون طن من القمح، حيث توقف توريد هذه المادة الأولى في سلة الغذاء، وقرار موسكو حظر تصدير المواد المهمة الى بقية العالم، وشعور فئات إجتماعية بخطورة مايمكن أن يحدثه شح المواد الغذائية الأساسية، عدا عن الإرتفاع الجنوني للأسعار، فإن ضرورات من هذا النوع حتمت على الحكومة العراقية أن تمارس دورا إستثنائيا، وقد لاحظنا كيف تم تصفير التعريفة الكمركية المفروضة على تلك السلع، والإجراءات التي إتخذتها وزارات وهيئات كوزارة التجارة والهيئة العامة للكمارك العراقية، والتي خففت الضغوط على المواطن والحكومة معا، وهي بحاجة الى مزيد من التعضيد بقرارات مماثلة في قطاعات عدة تؤثر في حياة الناس.
وزارة التجارة العراقية إتخذت تدابير تدفعنا للمطالبة بالمزيد منها خلال الفترة المقبلة تماشيا مع تطورات الأحداث، حيث قامت بتوزيع الحصة التموينية على المواطنين، وتضمنت مفردات عدة من بينها زيت الطعام، والرز والسكر والبقوليات والمعجون كما إن الحكومة قررت إطلاق أموال الطواريء، وكلما إستدعت الضرورة ذلك، وتتبعنا أثر هذا التوزيع الذي أحرج المتاجرين بقوت الناس، والذين يتحينون الفرص لرفع الأسعار بطريقة جنونية، وهمهم الربح ليس أكثر حتى قتل الجوع نصف السكان، فقد إستقر السوق المحلي، وهو مايستدعي منا مطالبة وزارة التجارة الى جعل الحصة الغذائية شهرية، والدفع بإتجاه تهدئة مخاوف المواطنين، وإستقرار الأسواق ليتمكن المواطن العادي من تأمين حاجاته الأساسية بعيدا عن جشع البعض ممن يغيبون ضمائرهم وينشغلون بجيوبهم، ومطامعهم المنفصلة عن الرحمة، وعن الإنسانية التي لم يعد لها من وجود في قواميسهم.
ننتظر المزيد من القرارات الشجاعة والنوعية من وزارة التجارة لكي نضمن تجاوز الأزمة، وعدم تحميل المواطن مالايحتمل، ولأنه لايجد له عونا سوى المسؤولين الذين يستحضرون مسؤوليتهم بشجاعة، ويغادرون دائرة الأنانية، ويؤدون واجبهم المهني والإنساني على أكمل وجه.. وياترى ماذا لو لم تكن هناك حصة تموينية؟