عامريات.. رياضتنا.. صراخ يحتاج الهدوء
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
بقلم : طلال العامري
عرف عن أهل الرياضة العراقية أنّهم الأكثر ضجيجاً و(جعجعة) بين كل الأوساط المجتمعية الأخرى، مع أن أهل الرياضة وشخوصها يتم وصفهم غالباً بألـ(sport) أو (جنتلمان) ولكن هل حقاً أننا نعرف أو نجيد التصرف كما يقال بطريقة (sport)؟.. صدقاً نحن لم نجد ذلك في مجتمعنا الرياضي والذي نراه قد أصيب بالعدوى من السياسيين، حتى استطاع أخيراً أن يتفوّق عليهم ويتركهم في منتصف (الطريق) إن لم يكن أبعد بكثير!.. والأدلة كثيرة على ما نقول ومنها أن ما يحدث من إعتراضات على أعمال وأفعال اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية عبر السنوات الماضية ملأ الدنيا ضجيجاً سمعه العالم باستثناء أصحاب القرار ولجان النزاهة (التي تحتاج نزاهة) ولم يطوَ ملف أولمبية العراق وسيرى النور، كونه مؤشّر عليه كثير من الأشياء التي يمكن أن تفتح في أي وقت والسؤال نطرحه بهدوء.. متى؟!..
وكذا الحال بأفعال وزارة الشباب والرياضة عبر أكثر من عقدٍ ونصف.. أما التداعيات التي لحقت أهل اتحاد كرة القدم فحدّث عنها بلا حرج وهي التي رأينا على مشهدها ومن كل الأطراف.. ضجيج وصراخ حد (الشتائم) والتجريد من أشياء كثيرةٍ وما زاد عنه متمثل بألـ(كثير) من الأفعال المصحوبة بالتهديد!.. نسأل ومن حقّنا أن نسأل دائماً ونقول.. لماذا ترتفع الأصوات عند الغضب والتقاطع والانفعال مع أن من يرفعون أصواتهم هم من طبقة ألـ(سبورت)؟.. كي لا نطيل فإننا نستشهد بحكاية يمكن لها أن تختصر ما نريد إيصاله إلى الغالبية التي تؤمن بتلك اللغة..
يحكى أنّه.. كان هناك أحد حكماء (الهندوس) في زيارة لنهر (الغانج) المقدّس عندهم للإستحمام والتبرّك حسب تقاليدهم عند (الحج) وغسل الذنوب كما في معتقداتهم.. رأى الحكيم بالقرب منه على ضفتي النهر مجموعة من الأفراد، يتصارخون فيما بينهم بغضبٍ واضحٍ وفاضحٍ.. أشاح بوجهه عن الغاضبين والتفت مبتسماً باتجاه تلامذته الذين كانوا يرافقونه لتعلّم الدرس.. وسألهم.. لماذا ترتفع أصوات الناس عند الغضب؟.. فكر تلامذته لبرهة، ثم أجابه أحدهم بالقول.. لأننا عندما نفقد هدوءنا تعلو أصواتنا!.. رد عليه الحكيم متسائلاً.. ولكن لماذا عليك أن تصرخ في حين أن الشخص الآخر يقف إلى جانبك أو قربك تماماً ويمكنك أن تخبره بما تريده منه بطريقة أفضل؟!.. أعطى بقية تلامذته إجابات أخرى، لكن أياً منها لم يقنع الباقين أو الحكيم الذي أوضح شيئاً مهماً وقال.. عندما يغضب شخصان من بعضهما البعض.. يتباعد قلباهما كثيراً.. وحتى يستطيعان تغطية كل تلك المسافة ليسمع كل منهما الآخر، عليهما أن يرفعا من حدّة صوتيهما.. وكلما تزايد غضبهما أكثر فأكثر، كلما احتاجا إلى أن يرفعا صوتيهما أعلى فأعلى، ليغطيا تلك المسافة العظيمة التي تتسع بينهما!.. ثم سأل وأجاب.. ترى ما الذي يحدث عندما يقع شخصان في الحب؟!
نجدهما لا يصرخان في وجه بعضهما البعض، بل على العكس من ذلك، فهما يتحدثان في رقةٍ، ذلك لأن قلبيهما كانا قريبين جدا من بعضهما، تلك هي المسألة كون المسافة بينهما صغيرة جداً أو حتى غير موجودةٍ أصلاً.. ثم تابع الحكيم.. عندما يحبان بعضهما البعض أكثر، ما الذي يحدث؟.. هما يتهامسان حينها، كونهما اقتربا أكثر و أكثر.. في النهاية، لن يكون هناك حاجه للحديث بينهما، فقط ينظران لبعضهما البعض، هذا كل شيء.. هذا هو مقدار القرب الذي قد يصل إليه شخصان يحبان بعضهما البعض.. نظر الحكيم إلى تلامذته وقال.. لذا عندما تختلفون على أمر ما أو عندما تتناقشون أو تتجادلون، لا تدعوا قلوبكم تتباعد ولا تتفوهوا بكلمات يمكن لها أن تبعدكم عن بعضكم البعض أكثر مما أنتم فيه.. وإلا فإنه سيأتي ذلك اليوم الذي تتسع فيه تلك المسافة بينكم إلى الدرجة التي لن تستطيعوا بعدها أن تجدوا طريقاً للعودة!.. هنا أقف وأقول.. دمتم ولنا عودة إن شاء الله…