أمراء .. لكن بؤساء

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»

بقلم : البروفيسور د ضياء واجد المهندس

عندما تم القبض على (غايب المفگود ) لقيامه بتهديم أحد القصور الأثرية في (اور) وسرقة طابوقها ، تم عرضه على ضابط التحقيق .

سأل الضابط (غايب) عن الفترة التي كان يهدم ويسرق الآثار، اجابه : ياسيدي ، لقد ورثنا عن ابائنا واجدادنا ، تهديم و نقل طابوق القصور القديمة لأن أصحابها ماتوا منذ آلاف السنين ، وليس للقصور ورثة ..قال الضابط : ولكن القصور أثرية وهي ملك كل العراقيين و العالم والانسانية..ثم إن ما تسرقونه ليس طابوق ، بل جزء من فن معماري يمثل حضارتنا ، الا تعلم ذلك؟؟؟!!! ….

اجاب غايب المفگود : ياسيدي ، نحن بلا سكن و لا مأوى ، ونقوم ببناء دورنا البسيطة من الطابق القديم و من الطين ، ولم نسرق الفن المعماري و الحضاري والتراث ، ولو كانت لدينا أموال ل اشترينا الطابوق.. الضابط : لماذا لا تعملون بدل من السرقة و مخالفة القانون و تعليمات الحكومة ؟؟؟.

غايب المفگود: نحن نعمل بالزراعة ، ولكننا تركناها لعدم وجود الماء ، وليس لدينا أموال لحفر الآبار و ليس لدينا كهرباء ،، ياسيدي .. في ناحيتنا والنواحي القريبة لا يوجد قانون ولا حكومة و لا مسؤول ، فقط مدير الناحية وهو مثلنا ..الضابط : ما الذي يأخذه مدير الناحية .. غايب المفگود : النجار و آسطة البناء يأخذون الابواب القديمة من القصور و يرمموها ليضعها مدير الناحية في صالة الاستقبال في قصره ..

الضابط : يا غايب ، كيف نمنع الناس من سرقة الآثار ؟؟؟؟!!! غايب المفگود: لا تستطع أن تمنع الكبار لأنهم ادمنو التهديم ، ولكن بإمكانك أن تبعد الاطفال عن السرقة بأن تعلمهم بالمدارس.. الضابط: ولماذا لا تعلمون ابنائكم بالمدارس ؟؟؟؟!!!!! غايب المفگود : لعدم وجود مدارس في قريتنا ، واقرب مدرسة طينية عنا تبعد ٣ ساعات مشي ، و شوارعنا طينية غير مبلطة ، و اطفالنا لا يستطيعون الوصول إلى المدارس التي تغرق في كل يوم مطر ..

الضابط : لماذا لا تشتكون إلى الحكومة عن نقص الخدمات والشوارع والماء والكهرباء و عدم وجود المدارس و المستوصفات ؟؟؟غايب المفگود: واين نجد الحكومة ؟؟؟!!، و هل هناك في ديرتنا حكومة ؟!!!! وهل للحكومة اذان تسمع ، أو عيون تبصر ؟؟؟؟!!!!!!، نحن لا نحس بالحكومة الا عندما ننقل الطابوق والحجر من (المناطق القديمة) لتطبيق علينا قانون العبث بالآثار و سرقة و تهريب الآثار ، و نست الحكومة أننا مواطنين نصارع من أجل البقاء ، نسرق احجار من كانو أمراء ، ونبقى احياء فقراء و مواطنون بؤساء ، لا نرى فرصة امل في الغد ، و لا نتأمل فرصة لحياة كريمة في بلد الحضارات والكرم والمجد ..ياسيدي ، اكتب في محضرك ، أن المواطن (غايب المفگود) ، غائب عن الإنسانية والراحة و الكرامة ،، و مفقود في دنيا حكامها لا يعملون الا على ملء بطونهم و جيوبهم و خزائنهم ، وسنراهم يوم لا ينفع مال ولا بنون ، لنقاضيهم فيما كان يسرقون و ينهبون ، و من ربهم و شعبهم لا يستحون !!!!!!!!!