تحقيقات

في مشهد الأربعين.. ما بين الضجيج هناك صمت رهيب..

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»


في العادة قد يفسر الصمت بالسذاجة أو يحكي عن بلادة أو فراغ أو خطيئة أدت إلى تبديل الحقائق أوضياع الحقوق، فترى البعض يطوف حول الصامت فضولاً ليراقب حركاته لكي يستكشف مايخبئه وراء صمته، وقد تكون الحقيقة في تفسير الصمت خلاف مانتصور، ففي مشهد الأربعين وفي وسط الضجيج المنبعث من حركة أقدام السائرين، والأصوات المنبعثة من التعازي والنداءات، هناك صمت رهيب تلحظه على بعض الأفراد، فترى منهم من أسدل غشاءً على عينيه وأطرق بهما إلى الأرض، سواء في المسير أو حينما يقيم أو يستريح برهة من الزمن، ومنهم من اكتسى جلباباً أسود أخفى كل شيء تحته، ولايتكلم إلا بما يحتاج، ولايفتر عن الذكر والتسبيح لحظة؛ ليعيش أجواء الحدث الكوني الذي وقع يوم عاشوراء وما أعقبه من انتهاك وسبي لأوتاد الأرض وسلالة الأنبياء، أو أراد انتهاز فرصة لتطهير اللسان مما ارتكبه من فضول القول والخطل على مر الزمن أدى إلى ارتكاب ذنب نتج عنه هضم لحقوق الناس، لذا لايريد كثير من الصامتين أن يستنطقهم من حولهم أو يفسد عليهم خشوعهم، إن كانوا في المسير أو القعود، وفي كل مكان.

مثل هذا الصمت المبجل الحاكي عن عمق في الفكرة والتأمل الملفع بالحزن والخشوع ينطق عن أسرار وأحزان تفصح عنها دموع تعزف ترنيمة حزينة تعبر عن وجع كان يقضُّ مضاجع ذلك الصامت في هيئته، الهادئ في صوته، هدوء الضباب الكثيف في الصباح الذي يبدأ بالانقشاع مع إرسال الشمس أشعتها في الكون، أو أشبه مايكون بصمت المحيطات المظلمة في قاعها، ولكن ترى على سطحها أمواجاً تتلاطم تنفس عن المحيط صمته الرهيب.

يقيناً إنَّ من يستحضر واقعة الطف وماجرى بعدها ويؤمن بالقضية التي خرج من أجلها بطل الملحمة الفريدة سيغضُّ النظر عن المشاهدات والأصوات المختلفة وهو يتوجه نحو كربلاء بعقله وقلبه وجميع جوارحه، كما إنَّ من اليقين إنَّ الخطوات التي يخطوها الزائر نحو المرقد المطهر إنْ طالت أو قصرت مع مايكتنفها من مواساة ومناجاة إلى سيد الملحمة ومن نداء داخلي وتضرع إلى رب الملحمة وهو رب العزة والجبروت جلَّ وعلا الذي اقتضت إرادته أن يكون من ذرية أعز الخلق إليه ذبيحاً شاء أن لايكون له فداء كما كان لجده إسماعيل؛ كي يبقى الرمز في التضحية لله دون أن تضاهيه الرموز وأن تبقى ملحمته سيدة الملاحم على مر الدهور وأن يكون ليومه امتداد عبر حدود الزمان والمكان، وهو ما عبَّر عنه عليه السلام بالفتح.

نعم إنه من اليقين سينال ذلك الخاشع الصامت ما يتمناه من أمنيات ومن قضاء حاجات ملحة في مسيرة حياته بفضل انقطاعه وتوجهه إلى الله بأحب الخلق إليه، وذلك من مصاديق التوحيد التي حار بها البعض لجهله بحقيقتها ووقوفه عند ظواهرها.

والحديث عن نماذج الصامتين في مسيرة الأربعين كثيرة، ونريد هنا بالصمت الوقار ومايشتمل عليه من كبرياء وهيبة، منها مايقع في دائرة اهتمام المراقبين والهاوين لمتابعتها والحديث عنها في وسائل الإعلام، ومنها ما لايقع، وقد يكون أكثر إثارة من غيره، وعلى أيِّ حال حظيت السيدة المحجبة بالوقار والتي عبرت بمشيتها عن ما يجب أن تكون عليه المواسية لبنات الرسالة وعلى رأسهم العقيلة زينب عليها السلام التي لم تتنازل عن عفتها وحجابها مع ماتحمله من ثقافة رسالية ووعي للقضية.

بقلم :الاستاذ علي الخفاجي

 

اترك رد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
بحضور شخصيات أكاديمية وسياسية المعهد التقني النجف يشهد افتتاح النادي الطلابي مجلس المحافظة يصوت على اختيار المحافظ ونائبيه بلدية العمارة جهد مستمر في اعمال الصيانة والأكساء لشوارع مناطق المحافظة الزهيري يطلق نظام إدارة ومتابعة خطة البحث العلمي في جامعة الفرات الأوسط التقنية السيد الصافي: وجود السيّد السيستاني في العراق يمدّ المواطنين بالطمأنينة وكلامُه بلسم للجراح المرجع الأعلى السيد السيستاني (دام ظلّه) يعزي بوفاة العلامة الشيخ محسن علي النجفي (رحمه الله تعالى) خلال لقائه “اللامي” .. “السوداني” يؤكد حفظ حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة ! رئيس الوزراء يحذر من الردّ المباشر على استهداف السفارة الأمريكية من دون موافقة الحكومة محمود المشهداني يزور نقابة الصحفيين العراقيين ويشيد بالدور الفاعل للنقابة والأداء المهني والإداري في... الشيخ الكربلائي يتشرف باستقبال نجل المرجع الديني الاعلى سماحة السيد محمد رضا السيستاني في منزله