
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
البروفسور د.ضياء واجد المهندس
ليصلكم المزيد من الاحداث متابعة قناة التلكرام
باعتبار سيادتكم الراعي الشرعي لحقوق المواطن العراقي سواء كان كوظف او متقاعد او غيرهما واستنادا لقول الرسول (ص) (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) نود ان بين لسيادتكم الآثار الاقتصادية والمالية والقانونية للقرار رقم 4888 لسنة 2024 الصادر عن مجلس الوزراء اذ يمثل هذا القرار المتضمن استقطاع مبلغ (1%) من رواتب الموظفين و المتقاعدين من الناحية القانونية تجاوزا خطيرا” على حقوقنا ومصدر قوتنا ، وتقدر الاستقطاعات ب (630) مليار دينار سنويا” . خاصة وان هذه الحقوق المالية هي تمثل حقوق مكتسبة لمراكز قانونية مستقرة لايجوز المساس بها الا بحكم قضائي بات صادر وفقا للاصول القانونية .
وفي تحليل التكييف قانوني للقرار رقم 4888 لسنة 2024 الصادر عن مجلس الوزراء ، نود بيان بعض الامور المتعلقة به وكما يلي:
- الإطار القانوني للراتب:
يعتبر الراتب محمي قانونيًا بموجب نصوص الدستور والقوانين العراقية، وأي استقطاع منه يتطلب سندًا قانونيًا صريحًا. أن التصرف بأموال الموظفين أو رواتبهم دون موافقتهم الطوعية يُعتبر مخالفة صريحة لمبدأ حماية (الملكية الخاصة) ويمثل ضريبة بحاجة إلى تشريع و موافقة مجلس النواب .
- الإجبار في التبرع:
يُلزم قرار مجلس الوزراء باستقطاع نسبة (1%) من الراتب ووضعها تحت بند “تبرع”. هذا الإلزام يُفقد التبرع طبيعته الطوعية ويحوّله إلى اقتطاع إجباري ( غرامة غير مبررة ) مخالف للأسس القانونية.
- تجاوز السلطة:
الإلزام بالتبرع بقرار حكومي يُعدّ تجاوزًا للصلاحيات التشريعية، لأن الحكومة ليست مخولة قانونًا بفرض (تبرعات إلزامية )أو تغيير طبيعة الراتب المضمون دستوريًا، و لا يحق لمجلس الوزراء استقطاع جزء من الراتب دون موافقة مسبقة من الموظف أو المتقاعد و دون أسباب مشروعة موجبة ..
- المسؤولية القانونية:
يضع القرار الموظف أمام خيارين: القبول مجبرا” أو الرفض مضطرا”.وذلك يدفع الموظف و المتقاعد إلى مواجهة غير منصفة إذا رفض التبرع ، لان الامر يتطلب اتباع الروتين الإداري او اللجوء إلى القضاء وإقامة الدعاوي .
يعتبر هذا الأسلوب إجبارًا ضمنيًا أو ما يعرف ( الاستيلاء القسري ) للحقوق المالية والذي يُخالف مبدأ “حرية الإرادة” في التعاقد أو التبرع.
- الاستنتاج القانوني:
القرار يُعدّ باطلاً قانونيًا لأنه:
يفتقر إلى الأساس التشريعي الملزم، و
يمثل مخالفة لمبدأ سيادة القانون وحماية حقوق الموظف، لذلك
يتطلب المحاسبة القانونية للجهة المُصدرة للقرار.
يشكل القرار مخالفة واضحة وصريحة لنص المادة (28) من دستور جمهورية العراق لعام 2005،و تعديًا على مبدأ الشرعية القانونية التي تضمنها الدستور، لافتقاره إلى الموجب التشريعي ، حيث نصت المادة (28) من دستور جمهورية العراق على:
(أولاً: لا تفرض الضرائب والرسوم، ولا تعدل، ولا تجبى، ولا يعفى منها، إلا بقانون.
ثانياً: يعفى أصحاب الدخول المنخفضة من الضرائب، بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة، وينظم ذلك بقانون.)
يشكل القرار الصادر عن مجلس الوزراء تعديًا على صلاحيات مجلس النواب وتعديا على مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور.
ينص القرار على أن الموظف أو المتقاعد الراغب في الامتناع عن التبرع تقديم طلب رسمي بذلك ، و هذا الشرط ينفي صفة التبرع ويجعله الزام، والذي يتعارض مع مبدأ الطوعية ويشكل انتهاكًا لحقوق المواطنين.
لم يراع القرار تفاوت الدخول بين الموظفين والمتقاعدين، ولم يأخذ بعين الاعتبار حماية الفئات ذات الدخل المحدود، وهو ما يناقض الفقرة الثانية من المادة (28) التي تهدف إلى ضمان العدالة الاجتماعية وعدم المساس بالحد الأدنى للمعيشة.
ولابد لنا من التأكيد ،
إن صدور قرارات تخالف النصوص الدستورية يضعف مبدأ سيادة القانون، ويفتح المجال لتكرار مثل هذه التجاوزات.
الامر الذي يشعر المواطنين بعدم احترام حقوقهم الدستورية، و يؤدي ذلك إلى تراجع الثقة بالحكومة ومؤسسات الدولة.
بالإضافة إلى زيادة الأعباء على الموظفين والمتقاعدين، ذوي الدخول المنخفضة.
وخلاصة القول وبناءً على ما تقدم : ان قرار مجلس الوزراء رقم (4888) لسنة 2024 لا أساس قانوني له، ويمكن الطعن به شكلا وموضوعا امام المحكمة الاتحادية لمخالفته الصريحة لنص المادة (28) من دستور جمهورية العراق و التجاوز على سلطة مجلس النواب.
أما إذا أراد مجلس الوزراء منح مساعدات الى المتضررين في غزة وجنوب لبنان فمن الممكن اتباع طرق اخرى دون المساس برواتب الموظفين والمتقاعدين كونها تمثل حقوق مكتسبة مقررة وفقا لضوابط واصول قانونية لايمكن التعرض لها وتجاوزها باي حال من الاحوال فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن تزويدهم ب (نفط خام) خارج حصة العراق في (أوبك)..
وفقكم الله لخدمة العراق وشعبه




