المرجعية الدينية وصراع الهواة على المنصب !!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
المرجعية الدينية في العراق، وبالأخص المرجعية الشيعية في النجف الأشرف، تُعدّ من أهم الركائز الدينية والاجتماعية والسياسية في البلاد،وعلى مر العقود، لعبت دورًا محوريًا في توجيه المجتمع، وتهدئة الفتن، وحماية وحدة العراق، خاصة في الأوقات الحرجة التي مرّ بها البلد بعد سقوط النظام السابق عام 2003، من أبرز سمات المرجعية النجفية، وعلى رأسها سماحة السيد علي السيستاني، هو حفاظها على الاستقلال عن الأحزاب والتيارات السياسية، وتمسكها بخط الاعتدال والحكمة، ورفضها الدخول في الصراعات السياسية أو دعم طرف على حساب آخر،فالمرجعية تُقدّم النصيحة عندما تقتضي المصلحة العامة، لكنها لا تسعى للسلطة، ولا تُجيّر الدين لخدمة مشروع سياسي أو فئوي.
رغم وضوح منهج المرجعية وبياناتها المتكررة، ظهرت في السنوات الأخيرة شخصيات وأصوات تدّعي القرب من المرجعية أو تمثيل توجهاتها، بينما في الحقيقة تسعى هذه الشخصيات إلى استغلال اسم المرجعية لمكاسب شخصية،سياسية أو حتى مالية،وهؤلاء يُطلق عليهم البعض “المتمرجعون” أو “المُتسلقون على الدين”،وبعض هؤلاء يستخدم الخطاب الديني والمفردات الشرعية لإقناع البسطاء بأنهم امتداد للمرجعية أو ناطقون باسمها، بينما المرجعية نفسها نفت مرارًا وتكرارًا أي علاقة بها، وأكدت أن أي موقف رسمي يصدر فقط من خلال مكاتبها المعتمدة أو بياناتها المنشورة.
ربما تظهر بين الحينة والاخرى خلافات في داخل اروقة الحوزة العلمية في النجف الاشرف أو بين الاساتذة او حتى بين المراجع والعلماء،وهي في ذاتها لاترقى الى مستوى الخلاف بل تقف عند الاختلاف في الروايات ومساندها،وهي تنبع من الخلاف في التفسير والرواية او على مصادر البحث الروائي الذي أستند عليه الرواي او الباحث،وفي السنوات الاخيرة شهدت النجف الاشرف دخول بعض العمائم التي تحاول فرض رؤاها الفقهية على الحوزة العلمية ومن أبرز هولاء السيد كمال الحيدري او السيد كاظم الحائري أو السيد مقتدى الصدر وآخرها ما أثاره اتباع الشيخ محمد اليعقوبي وتدخل الصدر لاحقاً في هذا الصراع،الامر الذي يعكس في جوهره قضية أوسع من مسألة خلاف فقهي بل تعكس رؤية هولاء الى ما بعد المرجع الديني الاعلى للطائفة سماحة الامام السيد علي الحسيني السيستاني واندفاعهم نحو اعلان انفسهم كقيادات دينية تتنافس على مقام المرجعية الدينية.
منصب المرجعية الدينية العليا ليس منصب تشريفي أو أداري يقوم بواجب ادارة حوزة العلمية أو رعاية طلبتها فحسب،بل هو منصب الهي يتم اختياره بدقه ورعاية ومن أهل الخبرة والاختصاص،ويُدعم بتوفيق الهي للمرشح ليحصل على رضا الامام علي (ع) وصاحب الامر (عج) ليكون موفقاً في خطواته تجاه خدمة الامة الاسلامية وتحديداً اتباع أهل البيت(ع) لذلك لايمكن أن يعبر أي شخص يدعي العلمية انه قادر على أدارة شؤون الامة الاسلامية،ولايمكن لاي مدعي أن يحصل على دعم أهل الخبرة في هذ الاتجاه.
تحاول هذه المسميات تحقيق نفوذ سياسي من خلال كسب تأييد شعبي عبر استغلال مكانة المرجعية،او الحصول على امتيازات مادية أو مناصب، وتعمل جاهدة من أجل تشويه صورة المرجعية عبر نسب مواقف خاطئة لها، عبر إثارة الفتنة داخل المجتمع العراقي، خاصة بين من يثقون في المرجعية وبين من يتأثرون بتلك الشخصيات.
المرجعية كانت واضحة في أكثر من بيان،ولا أحد يتكلم باسمها إلا عبر القنوات الرسمية، وحذّرت من استغلال الدين في السياسة أو التجارة،بل في إحدى خطب الجمعة، التي تُلقى نيابة عنها، وُصفت هذه الظاهرة بأنها خيانة للأمانة وتشويهٌ للدين، لذلك المرجعية الدينية في العراق كانت وما تزال صوت العقل والحكمة، وهي تقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية، هدفها حماية المجتمع لا الدخول في صراعاته. أما من يحاول أن يتقمص عباءتها زورًا، فهؤلاء مكشوفون لمن يتابع المشهد بعقل ووعي، ومهمتنا كمواطنين نتبع هذه المرجعية الممتدة لالف عام أن نُميّز بين صوت الحق وصوت الادّعاء.




