المقالات

لماذا قُتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»

بقلم : محمد عبد السلام 

اشترك في قناة «وكالة نسيم كربلاء » على تليجرام

في ليلة العاشر من محرم وبينما كان جيش يزيد بن معاوية اعلان الحصار واغلق جميع الجهات على خيام آل البيت عليهم السلام , كتب الحسين عليه السلام بدمه الخالد أعظم وثيقة في التاريخ الإنساني كتبها لا بالحبر والورق بل بالدم الطاهر ليبقى سؤاله الأول : لماذا يُقتل ابن بنت رسول الله ؟
ولماذا خرج الحسين من المدينة إلى كربلاء رغم علمه بما ينتظره؟

الجواب هنا لا يكمن فقط في البُعد السياسي أو الظرف التاريخي بل في عمق الرسالة الإسلامية التي أراد الحسين علية السلام أن يحفظها من الاندثار والتحريف فقد قال:

” إني لم أخرج أشِراً ولا بطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.”

الخلفية التاريخية : الانحراف عن مسار الإسلام

بعد شهادة النبي صلوات الله عليه بدأت الأمة تمر بتحولات سياسية كبيرة بلغت ذروتها في عهد يزيد بن معاوية الذي مثل تجسيداً لأسوأ أشكال الحكم الجاهلي المقنع برداء الخلافة , كان يزيد حاكماً مستهتراً يستهين بالشريعة ويجاهر بشرب الخمر والفسق كما جاء في بعض الروايات:

” يزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله.”

باختصار كان يزيد يريد من الحسين عليه السلام أمراً واحداً : السكوت والبيعة لا من باب الشورى بل من باب إعطاء الشرعية الدينية لسلطته وكان يعلم أن بيعة الحسين ستُسكت كل الأصوات لأنها ستُعطي رمزاً إسلامياً مطلقاً صك الشرعية.

الحسين: بين البيعة والشهادة

كان موقف الحسين عليه السلام واضحاً : إما الموت بعز أو الحياة بذل  فقال كلمته الخالدة:

“ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة!”

سر شعار “هيهات منا الذلّة”

هذه العبارة ليست مجرد رد على مطالبة الطغاة بالاستسلام بل تحمل في طياتها فلسفة الثورة الحسينية بأكملها :

  1. رفض الذل كعقيدة : “هيهات” تعني البُعد الشديد أي لا يمكن أن يكون الذل خياراً فالحسين علية السلام يعلمنا أن الكرامة ليست سلعة تُشترى أو تُباع بل هي جوهر الإنسان المؤمن.
  2. امتداد الجهاد النبوي: كانت كربلاء استمراراً للنهج النبوي حين وقف النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده في وجه قريش فكان للحسين صلوات الله عليه  تجديداً لتلك الوقفة التوحيدية .

هل كان مقتل الحسين نصرة للدين؟

الجواب: نعم وبأعلى درجات الفداء والوعي والبصيرة فالحسين (عليه السلام) لم ينتصر بالسيف والعدة بل بالدم والفكر والموقف وبهذا كتب للأمة دروساً عظيمة:

أولاً: حفظ روح الإسلام

الإمام الحسين أنقذ الإسلام من التحول إلى دين سلطوي يُستخدم لتبرير الظلم والفساد وقال للناس: إن الخلافة إن حادت عن جوهر الدين فهي باطلة ولو لبسَت رداء الشرعية.

ثانياً: كشف زيف الطغاة

قتل الحسين عليه السلام فضح حقيقة بني أمية وأظهر وجه يزيد الحقيقي فاهتز ضمير الأمة وبدأت الانتفاضات في الكوفة والمدينة ومكة حتى سقط الحكم الأموي في نهاية المطاف.

ثالثاً: استنهاض الضمير الإسلامي

كل ثائر حر في التاريخ من الثورة العباسية إلى ثورات الشعوب الحديثة يستلهم من كربلاء موقفها فالحسين أصبح مدرسة للحرية والكرامة.

قال الكاتب المسيحي أنطوان بارا:

“لو كان الحسين منا لنصبنا له في كل أرضٍ منبراً ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين.”

الحسين بين النصر والشهادة

ليس منطق الثورة الحسينية هو النصر بمعناه العسكري بل النصر بمفهوم القرآن الكريم:

{إن ينصركم الله فلا غالب لكم}

وقد نصَر الله الحسين بجعل دمه قنديلاً على درب الأحرار.

قال الإمام زين العابدين (عليه السلام):

“أنا ابن من قُتل صبرا وكفى بذلك فخراً.”

ختاماً: هل انتصر الحسين؟

نعم انتصر الحسين يوم قتل لأن الباطل حين قتل الحسين خسر كل شرعيته ولأن صوت “هيهات منا الذلة” ما زال يدوي في أرجاء الزمن معلناً أن الدين لا يباع والحق لا يُساوم عليه والكرامة لا تُفقد ولو بسيوف العتاة.

وإن كربلاء رغم الحزن والدم لم تكن هزيمة بل أعظم نصر في تاريخ النبوات إذ قال الإمام الصادق (عليه السلام):

“نحن خلِقنا للنصر وإن قتل الحسين فقد انتصر دمه.”

‫30 تعليقات

اترك رداً على Teresa3625إلغاء الرد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار