بعد أن هدأ تنظيم داعش عملياتيا وإعلاميا في الأعم الأغلب من المناطق التي كان يسيطر عليها، ومواقع التواصل الإجتماعي التي يستخدمها كترويج لنفسه… بدأ بالعودة إعلاميا ومفاجئا إلى حد ما ببيان تكليف لوال لخراسان، بيان مختلف وغريب عن منهجيته وتوجهه السابق، وهذا ما لم نعهد داعش عليه، حيث كان البيان مطولا ومرشدا وناصحا عكس بياناته السابقة.
بدأ بيان تكليف (شهاب المهاجر) أو الدكتور شهاب المهاجر كما لقبه التنظيم بعبارة تواصلية شخصية وتطمينية “ونسأله أن تكونوا بخير وعافية…” وهذه أنما هي عبارة جديدة للغة جديدة لم تؤلف من قبل، ثم كتب سطر واحد فقط يخص التكليف… التكليف الذي شهد لفظة مستحدثة في “القاموس الداعشي” ألا وهي لفظة أو لقب “دكتور” التي سبقت إسم الوالي، ففي العادة أنه يستخدم ألقابا عقائدية خاصة مثل (والي، أمير، مجاهد) ولا يمت بصلة للألقاب الأكاديمية، وربما سبب إستخدامه “دكتور” لشهرة المهاجر داخل التنظيم أو هي إستراتيجية ثانية لخطابه يمكن رؤيتها في المستقبل.
إعتمد بيان التكليف على النصح الذي أشير له في بداية المقال.. وكأنه يستثمر فرصة التكليف ليوجه نصائحه لمقاتليه في خراسان كما قال “ونصيحتنا لعموم الاخوة في خراسان؛ اتقوا الله عز وجل واصبروا واحتسبوا…” ويقول أيضا “وخالقوا الناس بخلق حسن، والأقرب للنبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة الأحسن خلقا والذي يألف ويؤلف من قبل إخوانه المؤمنين” وهذه العبارات تؤشر إلى إهتمامه بالأخلاق والمعاملة الطيبة، ويوعز تضمينه لها ربما إلى الإنتقادات الحادة التي تعرض لها أبان حكمه في عام ٢٠١٥، فقد تعرض لإنشقاقات عدة في صفوفه نتيجة دمويته في حكم البلاد مما جعل الناس ينفرون منه بصورة كبيرة.
ويواصل طرح مكلفه الوالي المهاجر بصورة منمقة غير متخللة للتهديد والوعيد في حال لم يؤتمروا بخلافته البلاد كما إعتاد… بل أن الوالي خادم للمجاهدين ومثقل بتحمل عبء المسؤولية المناط بها، لكنه يحظى بمنزلة عظيمة “وأنه لمنزلة عظيمة أن يكلف مسلم لتحمل عبء القيادة وخدمة إخوانه المجاهدين” ووفق جمله السابقة.. فأن داعش الجديد أو داعش خراسان تحديدا هو داعش إيماني وتعبوي وليس همجيا تهجميا يبشر بالقتل الدنيوي كما سبق في التصرفات السلبية السابقة، أنما هي تصرفات فردية ومراهقة دينية لا أكثر وأنه في الحاضر والمستقبل… لين الدعوة الإسلامية وتطبيقها وصاحب خلق وكيس.
وقبل ختامه بيانه.. حذر من الخلافات الداخلية وإعتبرها سبب رئيس في حال فشل إقامة شرعه في الولاية حسب قوله “وإياكم إياكم من أسباب الفشل وذهاب الريح وسلب التمكين والتوفيق في مقدمتها الاختلاف بينكم وعلى أمرائكم، فهي من أسباب هلاك الأمم”. ولم ينس شد أزر عناصره في القيام بضربات لحركة طالبان والحكومة هناك؛ فهما مرتدان وكافران حسب زعمه.
لقد كان البيان يستحق الدراسة والتحليل لمفرداته والوقوف أمام فوارزه ونقاطه؛ فالتخلي عن خطاب القتل الدنيوي والإكتفاء بالعذاب الآخروي وإن كان على الورق فقط، وإستعمال النصح بدل البطش والترفع عن دعم الأمير أو الوالي كيف ما كان… كل تلك التغييرات تنبأ بعودة داعش بجلباب جديد يحقق له التوسع أكثر بعد أن فشلت خطة الرعب.
الباحث محمد جابر الرفاعي مركز وطن الفراتين