منذ سنة تقريبا وخلالها وأصحاب الاختصاصات مثل الشهادات العليا والزراعة والمهن الصحية والإعلام والإدارة والاقتصاد والتربية يتظاهرون إلى الحكومة ويحتجون أمامها للحصول على ضيفة تمكنهم من تسيير أمورهم الحياتية، وبجانبهم يتظاهر في ذات الوقت أصحاب الأجور اليومية والعقود في وزارات الكهرباء والموارد المائية والصحة وغيرها.
بيد أن أحلام أولئك الشباب تستطم في عدة جدران وهي أسباب واقعية واستراتيجية لهذا الاصطدام ويمكن أجمالها بنقاط:
أولا: عدم وجود رسم سياسة حكومية دقيقة وخاصة غيابها بين دائرة التنمية البشرية في وزارة التخطيط ووزارة التعليم العالي لتحديد التالي:
أ- مقومات قبول الطلبة وفق حاجة البلد.
ب- مقومات القبول في الدراسات العليا؛ نظرا لحاجة وزارة التعليم والوزارات الأخرى.
ج- تحديد العدد الكافي للجامعات الأهلية.
فبغير هذا التنسيق لا يمكن تعيين كل متخرج من الجامعات وستزداد البطالة والمشكلات الاجتماعية والسياسية؛ وأي دولة يمكنها تعيين مئتان وثلاثة آلاف محاضر دفعة واحدة؟! إذا ما إخذنا المحاضرون المجانيون كمثال دقيق لهذه النقطة.
ثانيا: الافتقار ولتلكأ الحكومي لمشروع تشغيل الشباب الذي يسهم في التقليل الكبير من إعداد المتخرجين، بعد أن تطرح الحكومة مشروع مضمون ومطمئن من الناحيتين: القانونية، الاقتصادية. وليس كمشروع عام ٢٠١٩ الذي اختلطت به صلاحيات ومهمات رئاسة الوزراء ووزارة التخطيط والبنك المركزي المصارف الأهلية وهيأة الاستثمار كما يؤكد ذلك وزير التخطيط الحالي السيد خالد البتال؛ وبالتالي توقف المشروع قبل أن يبدأ وبقى البلد بلا أي مشروع.
ثالثا: ازدواج الرواتب.. حين يتقاضى موظف ما لأكثر من راتب وفي أيام الأزمة الاقتصادية التي يعيشها بلده؛ فهذا سيحرم بالتأكيد مستحق من المستحقين للتعيين، وترتفع نسبة الإخفاق للوزارات المنتمي إليها ذلك الموظف في أداء واجباتها، وتترهل دائرة البطالة أكثر فأكثر.
رابعا: ازدياد عدد سكان العراق لأكثر من أربعين مليون، وتشكيل فئة الشباب بأكبر الفئات العمرية وعدم تحديد سياسة إنجاب مجتمعية أو حكومية.. جميع تلك المفردات.. تكثر من حجم البطالة وتزيد من رقعة التظاهر بالحقوق.
خامسا: التذمر أو التكاسل من قبل أغلب الشباب للعمل في القطاع الخاص الذي يقلل من التوجه للتعيين، ويزيد من حركة التجارة في العراق.
سادسا: الإقبال الضعيف جدا للشركات الأجنبية المستثمرة نحو العراق، مما يساعد الحكومة في تشغيل أكبر عدد ممكن الشباب.
كل تلك النقاط كانت وستكون المحرك الأبرز لخروج (تظاهرات الاختصاصات) إذ ظل الوضع السياسي على هذا النحو، وإذ تمسك الشباب بنظرتهم المتذمرة تجاه القطاع الخاص.
الباحث . محمد جابر الرفاعي مركز وطن الفراتين