منذ تموز الماضي أكد السيد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على اعداد الحكومة لورقة بيضاء كما أطلق عليها والتي تتضمن الاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية والخطط والاستراتيجيات لمواجهة التحديات التي يواجهها البلد وبتشديده على اهمية التعاون بين السلطات لمواجهة العقبات التي تواجه عملية النهوض بالاقتصاد العراقي تحقيقا للمصلحة العامة للبلد منذ ذلك التاريخ الى قبل ايام تم الاعلان عن مضمون تلك الورقة البيضاء والتي اجدها جاءت مخيبة للآمال فمؤسسة مثل مجلس الوزراء لا اضنها بالقاصرة عن وجود الكفاءات والخبراء لتعجز عن تقديم خطة مفصلة للإصلاحات فان تعرض قائمة تدرج بتعداد لمشاكل بات ابسط مواطن يمكنه تحديدها أمر يثير السخرية كان الاجدى ان تطرح ضمن دراسة واقعية تتضمن المشاكل وما سيوضع لها من حلول بخطة ذات مدى زمني محدد ، بلد يضع جام ثقله على وارداته النفطية بلا خطط بديلة لا يتوقع له الصمود في ظل تلك الازمات المتلاحقة ، فالواقع المطروح ان القطاع النفطي الذي يعد عماد اقتصاد البلد هو اول القطاعات الاقتصادية المتخلفة محليا مع المقارنة بدول الجوار على اقل تقدير فالتنمية في هذا القطاع نجدها ابعد من ان تتحقق بالزمن القريب بالإضافة لهدر الثروات الاخرى كالغاز الطبيعي يضعنا امام كارثة حقيقة استمرت لعقود فهل يخلو العراق من الكفاءات التي يمكنها العمل على تطوير تلك الحقول والعمل على الافادة من كل المنتجات البترولية على اختلاف انواعها ؟ أم ان العراق يخلو من موارد اخرى يمكن ان تعد موارد تسهم في دعم الاقتصاد الوطني فالخالق حبا بلدنا بميزات تجعل التكامل الاقتصادي من السهل تحقيقه دون الاقتصار على مورد وحيد نضع ثقلنا عليه .
أذن التحدي ليس بالإمكانيات بل بالرغبة لتحقيق ذلك فهل نمتلك الرغبة لتحقيق ذاتنا كبلد والعبور بالبلد بعيدا عن الهدر بالثروات والمبالغة في التقديرات وتهويل المشاكل .
فتحليل الخصائص المادية والبشرية المتنامية لعقود ستة اظهرت الحاجة لتطبيق حقيقي ومتطور للإصلاح بخبرات ورؤية محلية ودولية تنتشله من مصير مظلم فانخفاض الدخل وارتفاع مستوى البطالة لمستويات خطيرة بما يشكل هدرا للعنصر البشري مع ما ينتج عن ذلك من اثار سلبية تترك اثارها على مختلف جوانب الحياة بما يجعلها بيئة خصبة للانحراف والجريمة والتطرف واعمال العنف واحد أهم اسباب انخفاض الدخل ليكون اهم الاسباب لتعدد الازمات بما يجعل مصير خطط الاصلاح الفشل في ظل الاقتصاد المسيس وتخلف الاداء والفساد كلها عوامل تسهم في ان يسوء الوضع دون وضع اصلاحات حقيقة ، وبما ان العالم ككل يعيش واقعا متغيرا يمتاز بالديناميكية واتساع المفاهيم الاقتصادية بما ينعكس على عالم الاقتصاد والاعمال كمفهوم وظيفي وهو ما يقتضي اعادة تشكيل الجهد البشري الذي يعد الموجه الرئيسي والحضاري للعمل بالاعتماد على المنطق والادراك للمفاهيم الجديدة التي تتولد تباعا بمرور السنين بوصفها المحرك الرئيسي والاساسي للتنمية الاقتصادية والذي يتحقق بالترابط بين القطاعات الاقتصادية المختلفة للنهوض بالاقتصاد الوطني وهو ما يستوجب ايجاد اليات فعالة للنهوض بالاقتصاد الوطني نحو التحول الشامل لاقتصاد بمعدلات نمو مرتفعة عبر توفير عناصر عدة منها الاستقرار السياسي وتغليب المصلحة الوطنية على الانتماءات الفردية والبنى التحتية الاساسية والانظمة والقوانين المحفزة على الاستثمارات الوطنية والاجنبية وسياسات مالية ونقدية وتجارية تنسجم مع الاهداف المعلنة من قبل الدولة .
د. ايناس عبد الهادي الربيعي مركز الدراسات الاستراتيجية