أثار قانون الانتخابات العراقي وتعديلاته جدلا واسعا سواء على المستوى السياسي او القانوني مسبوقا بجدال وتجاذب امتد لجولات طال امدها التشريعي لتمتد التعديلات لتطال الدوائر الانتخابية والقوائم المفتوحة، الا ان ذلك لا نجده قد اماط اللثام عن تداعيات مستقبلية تضع لمساتها على الانتخابات التشريعية المقبلة وهو امر لا جدال فيه ولا سيما ان الانتخابات وكما هو متعارف عليه تنال حيزا مهما بوصفها الوسيلة الشرعية لانتقال السلطة بوصفها احدى السبل لممارسة الديمقراطية في اختيار ممثلين الشعب ، ففي دولة غابت عنها تلك الممارسة ردحا طويلا من الزمن بإرث ثقيل من الازمات التي تركت بصمتها على كافة نواحي الحياة كصفة ملازمة لها على الرغم من مضي سنوات عدة على التخلص من مسبباتها الرئيسية وهو ما نجده قد كان المؤثر الرئيسي في تولد الازمات والخلافات حول تلك التعديلات ، فان تستقطب الانتخابات ذلك الحيز من الاهتمام ليس بالأمر المستغرب لذا فتعديل قانونها امرا يشد اهتمام المختصين وحتى المواطن العادي ، فعودة لقانون الانتخابات الموضوع من قبل الحاكم المدني (بول بريمر) بعد عام 2003م والصدر بموجب الامر (96) الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة في حزيران لعام 2004م في قسمه الثالث بفقرته الثالثة بالنص على : ( سيكون العراق دائرة انتخابية واحدة وسيتم توزيع جميع المقاعد في المجلس الوطني على الكيانات السياسية من خلال نظام التمثيل النسبي) ووفق ما تقدم تكون القوائم الانتخابية مغلقة ليظل هذا الامر ساري في ظل قانون الانتخابات رقم (16) لسنة 2005م والذي يعد منقولا حرفيا عن أمر سلطة الائتلاف سابق الذكر بسلبيات تمثلت بتقييد الناخب باختيار قائمة دون تحديد مرشحه لينفرد الحزب بتحديد مرشحيه ليلزم الناخب بالتصويت على القائمة ككل ، ليكون ذلك دافعا لاحتدام الجدل بما يتعلق بهذا القيد لتحيل الحكومة مشروع قانون الانتخابات للبرلمان متضمنا اعتماد مبدأ القائمة المفتوحة من خلال تعديل قانون الانتخابات رقم (16) لسنة 2005م في بعض فقراته مع حسم النقاط الخلافية عبر التصويت خلال جلسات مجلس النواب وهو ما تأكد بالسجالات التي دارت في اروقة المجلس لتتصاعد الدعوات لاعتماد القوائم المفتوحة بدلا من المغلقة وتقسيم العراق دوائر متعددة وهو ما كان مطلبا جماهيريا ودعم المرجعية الرشيدة المتمثل برأي سماحة السيد(علي السيستاني) ( دام ظله) والتأكيد على دعم سماحته لذلك الخيار ،ليتم الاخذ بالتعديل واعتماد القائمة المفتوحة بدلا عن المغلقة ، الا ان ذلك لم يوقف حول القانون ولا سيما بما يتعلق بالمقاعد التعويضية والتي تعد أشكالية تواجه تطبيق القانون لأسباب عدة قد تتمثل بانعدام وجود احصائية محددة لمن يشغل تلك المقاعد وهو ما سيكون الدافع للصراع عند تشكيل البرلمان وهو ما قد يقرأ بانه اجحافا بحقهم ولا سيما ان المتعارف عليه عالميا ان تلك المقاعد تنسب للأقليات التي قد لا تحقق مقعدا في البرلمان ولا سيما عند وجود تقسيم يعتمد النسبة السكانية في توزيع المقاعد ،ليعود المخاض العسير في عام 2019م للعودة الى الواجهة متمخضا عن أقرار قانون الانتخابات بخمسين مادة تمثلت بما يمكننا القول عنه مزايا بدءا من الانتقال من طريقة التمثيل النسبي باعتبار كل محافظة دائرة انتخابية مع اشتراط الترشح عبر القوائم الانتخابية الى الترشح الفردي بدوائر انتخابية اصغر بما نجده يمثل فرصا اوسع للتغيير السياسي مع الغاء طريقة (سانت ليغو ) في توزيع الاصوات ليكون الفائز من يحصل على اكبر عدد من الاصوات مع مراعاة التوزيع السكاني في المناطق الانتخابية وهو ما نجده سيعزز وصول شخصيات مستقلة للانتخابات وهو ما تجلى بمنع القانون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ونوابهم ورؤساء الهيئات المستقلة ونوابهم ورئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة ووكيل الوزارة والمحافظ ونوابه واصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامين من الترشح للانتخابات المقبلة الا بعد مضي ما لا يقل عن عامين من تركه لمنصبه، وعلى الرغم من كل ما تقدم لا يكاد يمكن ان ينجو اي قانون يتعلق بالانتخابات من النقد فما يتلائم مع رغبة احد الاطراف قد لا يمثل طموحا لدى الاخر ليكون التباين في الآراء هو السمة الغالبة في كل حين وزمان ليكون الدافع لتمتد اليه ايدي المشرع بالتعديل والتصويب.
د. ايناس عبد الهادي الربيعي مركز الدراسات الاستراتيجية