القرصنة السيبرانية تنشر الغسيل السياسي على منصات التواصل، باب اخر يُفتح على مصراعيه، تفوح منه رائحة الفساد من الوثائق الحكومية والمخاطبات، فضلا عن ذلك وفي وضع غير مستقر سياسيا وامنيا حاول قراصنة الفضاء السيبراني ( الرقمي) اشعال فتيل انقلابي، باختراق موقع جهاز مكافحة الارهاب العراقي –على الفيسبوك- ووضع منشور يمهد للبيان رقم واحد، وهو البيان المشؤوم لدى العراقيين الذي ينذر بمزيد من الدماء وحقبة ظلماء لا تقل عتمة عن سابقاتها.
وزارات الصحة والتربية والنفط والداخلية والاتصالات والتجارة والدفاع، ورئاسة الوزراء، وتيار الحكمة وعصائب أهل الحق و كتائب حزب الله، وغيرها من المواقع تعرضت للاختراق في ظاهرة تُعدُّ الأوسع من نوعها.
الموقع الفاعل الذي يدعى “ماكس برو”، أشار عبر تغريدات في تويتر إلى أنه حصل على وثائق وملفات مهمة بحجم يعادل 180 جيغابايت، خصوصاً من موقعي وزارتي الداخلية والدفاع، وتتضمن عقوداً ومراسلات، فضلاً عن ملفات فساد كبيرة تدين اطراف مهمة في الحكومة العراقية.
اثارة الرأي العام ودق جرس الانذار، هكذا تتصف عمليات الاختراق على المواقع الرسمية، الاجهزة الامنية التي ما زالت تصارع داعش داخليا في الاقضية والنواحي والاطواق الخارجية للمدن المحررة، من خلال تحركات العدو وديناميكية البقاء والاستمرار، والتي سجلت في شهر ايلول لوحده من العام الحالي 100 عملية ارهابية؛ مما ادى الى الذهاب لتكثيف الجهد الاستخباري المعلوماتي، وهذا الجهد الذي قد يهوي بيد منتزعي البيانات – مافيات الفضاء الالكتروني – والتي اتقنت هذه الآلية في السطو الرقمي على البيانات بصورة ذكية تحول دون استشعار الاخرين بالقرصنة، فحيث العولمة التي صادرت السجلات الورقية واستبدلتها باخرى الكترونية، سهلة القطف والمنال، وبتشبيه اخر كتسميتها بـ( القبائل الالكترونية)، وانتقال الغزوات الى العالم الافتراضي.
“ماذا لوكانت نشاطات التنظيمات الارهابية تعتمد على استحصالها للتقارير الامنية! التكتيك الامني الاستخباري في وضع اليد على المعلومة ورسم الهيكلية النمطية في مطاردة الجماعات الارهابية في متناول الارهاب الرقمي، هل نستطيع ان نتصور ذلك؟! الاستراتيجية الواحدة رتابة في سلك الامن صورة ثابتة الاطار لواقع امني شائك ومستحدث!”
بعد هذه التساؤلات، صفحة اخرى تفتح نفسها في لتجاذب محاور اكثر اهمية: التسلسل الهرمي للافراد من الرتب والمراتب من حيث التوزيع الوظيفي، كذلك البنية الداخلية – النظام الداخلي – ومواءمته للمراحل الراهنة والمستقبلية، القدرة على مجاراة مؤسسات الامن القومي ذات الباع طويلة التجارب، القالب الثابت والمتغير من حيث النقل والتنسيب والتوظيف، مراكز الدراسات الامنية (الاسباب والنتائج والحلول والتوصيات، الرؤى المستقبلية) مدى الانسجام مع الدوائر المعلوماتية وقدرة الطرح العصري والنظرة الافقية للغد القريب والبعيد،الثقافة الامنية تحصين مجتمعي واجتثات لفكرة صناعة (الارهاب والارهابي) في المجتمعات، وغيرها.. محاور بمقتضى حال البلد يجب ان لا تغيب عن طاولة حامل الهوية الامنية.
يلي ذلك جملة من عوامل مقيدة للعمل المعلوماتي على المستوى الامني، منها؛ تداخل الصلاحيات بين الاجهزة الاستخباراتية في مجالات التحري والاستقصاء وكشف الملابسات والمعالجات الاستباقية، عشوائية في توزيع المفارز المعلوماتية المختصة ضمن رقع جغرافية معينة قد لا توفر مساحة حرة للمستقصي والمحقق فضلا عن جغرافيات امنية عصية يقع تكليفها على عناصر فتية، التناول المتردد لمقاطعة المعلومة امنيا وتحليل واقعية المعلومة من تهويلها او عدم نضوج الية صياغة التقرير، تجنيد المصادر ومصاديقها وقدرة المصدرة على اختراق جسد العملية المزمع تنفيذها، المصائد الوهمية للمُجند: تلك التي يتخذها الخارجون على القانون للايقاع بالمتحري والتمويه وارسال تقارير وهمية متتالية تحبط الموسسة الامنية والافراد،تخوف المواطن من اشراك نفسه كمراقب حذر على مستوى الدائرة السكنية وقدرة التفاعل التطوعي، والاخطر على سيرورة التطوير الديناميكي للعمل الاستخباري هو انتقال ادارة الاجهزة الامنية بظل السياسة والتوافقات الحزبية والمحاصصة.
حسيني علي الاطرقجي صحفي وباحث الدراسات الاستراتيجية