الرجل موقف ومواقف خلدت رجالا
البنية الجسدية للرجل لا تعني اطلاقا انها تدل على انه رجل ، جسديا او عرفا يقال عنه رجل ولكن معنى الرجولة لا يظهر الا بموقف ، والموقف ياخذ صداه عندما يكون نصرة للحق في مجلس يغص ويغط بالباطل ، ومن هنا فالتاريخ خلد كثيرا من الرجال الذين كانوا بلا تاريخ او يكاد التاريخ ان يهمشهم ، ولا يوجد ممن مثل الحق ونصر الحق وعانى كثيرا من الباطل مثل اهل بيت النبوة عليهم السلام حتى اشتهرنا بالتقية امتثالا لامرهم كي نحقن دمائنا من بطش الظالمين.
قيل للامام الصادق عليه السلام رجلان ارغما على البراءة من علي بن ابي طالب والا قطعت اعناقهما فالاول تبرأ ظاهرا وحقن دمه والثاني رفض فقطعت عنقه فما حكمهما عند الله عز وجل ؟ اجاب الامام الصادق عليه السلام قائلا الاول تفقه في دينه والثاني استعجل الجنة . ومن فيض نعم الله عز وجل على اهل البيت عليهم السلام ان من ينصرهم يصبح له شان عال ليس في الاخرة فقط بل في الدنيا ومن هؤلاء الرجال الذين خلدتهم مواقفهم هم أبو يوسف يعقوب بن إسحاق المعروف ابن السِكّيت (186 ــ 244 هـ)، عالم في اللغة العربية واديب.
من أهم مؤلفاته كتاب اصلاح المنطق. ولانه اديب استخدمه المتوكل لتعليم ولديه، حينما سأله المتوكل العباسي: “من أحب إليك ابناي هذان (المعتز والمؤيد)، أم الحسن والحسين؟” هكذا سؤال من طاغية لا يرحم كان يستطيع ابن السكيت ان يستخدم التورية وهو العالم اللغوي والاديب ، الا انه أجاب: “إنّ قنبر خادم علي(ع) خير منك ومن ابنيك” فامر المتوكل بتقطيعه بعد قتله . هذا الموقف جعل ابن السكيت يخلد في التاريخ وهناك من يقول عنه انه امامي فلو كان امامي لما استخدمه المتوكل .
الحر ابن يزيد الرياحي ، هو قائد نعم ولكن في لحظة اتخذ موقفا خلده التاريخ، في الوقت هو القائد المفضل عند يزيد ويتمتع بكل الامتيازات الدنيوية من منصب ومال وقوة الا انه في لحظة خيار بين الجنة والنار اتخذ موقفا خلده التاريخ عبد الله بن عفيف الكفيف وفي مجلس عبيد الله ابن زياد في الكوفة وهو يسمعه يشتم ال البيت امام سبايا ال محمد عليهم السلام في واقعة الطف ، فانتفض من مكانه وشتم عبيد الله بكل جراة وقوة نصرة لال البيت عليهم السلام في موقف جعله مخلدا في التاريخ فغضب ابن زياد وامر بقتله في المسجد فلم يتمكن لان عشيرته كانت في المسجد واخيرا قاتلوهم وهو الكفيف الذي يقاتل حسب ما توجهه ابنته عن مكان عدوه ثم استشهد من هي ام وهب ومن هو وهب ومن هي زوجة وهب ؟ قبل مرور الحسين عليه السلام بخيمتهم لا احد يعرفهم بل حتى لا يذكرون على هامش التاريخ ولكن موقف اتخذوه في لحظة جعلهم في صفحات التاريخ البراقة كلما ذكروا تلألأ الاعجاب بهما فهم ليسوا على دين محمد (ص) ولكن نظروا للامور نظرة احرار وقمة العطاء والقوة عندما يعلمون بانهم سائرون الى الموت ، وها نحن الى اليوم نذكرهم . وهذا يقال عنه حسن العاقبة هنالك كثير من الرجال غيرهم والحديث يطول ولكننا اخترنا هؤلاء الثلاثة للاستشهاد بهم نعم هنالك رجال اختاروا سوء العاقبة وسنطوي دونهم كشحا لان لهم اتباع اليوم يسيرون على خطاهم في التخاذل والنميمة والغدر .