أزمة الإعلام هل لها من حل..؟
يعتبر الإعلام من الاسلحة القوية للدولة ، حسب ثقافة مكوناتها من (الحكومة والشعب ) ،فبعد 2003 لم يسقط النظام البائد فحسب بل سقطت الكثير من القيم الاخلاقية معه حتى اصبح الهرج والمرج متاحا ويسيرا يبث على الهواء مباشرة (صورة كانت ام صوت) تحت وصاية هشة عرفت في ما بعد بحرية الرأي والتعبير !
والملاحظ ان وسائل الإعلام العراقية (المحلية) قد مرت بعدة أزمات، ومصدر معظم هذه الأزمات هو الشبكات الاجتماعية، التي نافستها من جهة كمصدر للخبر السريع والمعلومة، وقضت عليها من جهة أخرى من حيث اجتذاب الإعلانات، وهي الوقود الذي يمنح الإعلام وجوده وقوته. باختصار، لم يعد منطقيا للمعلن أن يضع ميزانيته في وسائل الإعلام “السمعو بصرية” والمطبوعة، بينما يحقق نتائج أفضل بكثير وبميزانية أقل من خلال الإعلان على الشبكات الاجتماعية والمنصات الرقمية.
الاذاعات منصات رخيصة الثمن دون رقابة !
اغلبية الاذاعات المحلية التي تبث برامجها على شكل (MP3)تعتمد كليا على الإعلانات، صار الإعلام معتمدا بشكل كامل على الدعم الحكومي والمال السياسي والتجاري، وهذا الاعتماد أفقدها استقلاليتها وتوازنها. هناك استثناءات طبعا، وخاصة وسائل الإعلام الدولية القليلة التي استطاعت أن تخلق جمهورا ضخما لها على الإنترنت، أو تلك التي تعتمد على مساهمات الجمهور، أو تلك التي تمزج الترفيه الدرامي بالأخبار، ولكن البقية جميعها تعاني من أزمة تتضخم كل يوم. لما ظهرت دوامة “تزيف الحقيقة ” التي تحدثت عنها في الأسبوعين الماضيين، بدأت وسائل الإعلام تنضم تدريجيا للتيار الذي يؤمن باستخدام الإعلام للتأثير العاطفي المباشر على الرأي العام.
أزمة تزييف الأخبار قد تكون هي طوق النجاة لوسائل الإعلام
نتذكر كيف كانت الجماهير تصدح بسقوط النظام الصدامي في يناير 2003؟ في ذلك الوقت قررت القنوات الإعلامية العربية(العربية،الجزيرة،ابوضبي) أن تنحاز لتلك الجماهير وتتبنى خطابا عاطفيا يتجاوب مع تلك اللحظات التاريخية. في تلك الأيام، بدأ العد التنازلي لتلك القنوات، والتي تورطت في الانحياز العاطفي من قضية عربية إلى أخرى، وبدأ معها العد التنازلي لمصداقيتها كمصدر للأخبار والمعلومات
حاليا، نجد أن تزييف الأخبار له تأثير كبير و مذهل في العراق ،وقد خلق حالة من الاستقطاب الإعلامي (حيث كل وسيلة إعلام مع أو ضد اتجاه سياسي معين)، متوافقة مع حالة غير معتادة من الاستقطاب السياسي الحزبي كذلك هذه الحالة غير المسبوقة جعلت كثير من المفكرين والإعلاميين ينادون بالبحث عن حل للأزمة .
لكن الأزمات تحمل الفرص في رحمها أحيانا. أزمة تزييف الأخبار قد تكون هي طوق النجاة لوسائل الإعلام، التي قد يعود لها الجمهور بقوة بحثا عن المعلومة غير المزيفة، وبحثا عن شرح لما يحصل على الشبكات الاجتماعية من حملات وحملات مضادة. الجمهور يحتاج لأن يعرف ما يحصل بعيدا عن محاولات التأثير العاطفي المزيفة.
برامج التسقيط والشخصية المهزومة للمواطن
ان من اكثر الازمات التي تواجها المؤسسات الاعلامية بكل عناوينها ومسمياتها خلوها من المهنية في اختيار من يمثلها لذلك لا نستغرب ان اذاعة معينة تعتمد على فرد واحد لا يفقه شيء من الاعلام ان يقدم فيها على مدار ال24ساعة مقابل حزمة من الارصدة او جوائز وهمية واتصالات لا قيمة لها بالنظر لأهمية الدور الرسالي الذي يقدمه الاعلام الاذاعي ،او نجد برامج اخرى تطبل الى المسؤول “س” دون نقده وتسقيط الاخر لا نه يتضارب مع سياسة الاذاعة نفسها وهنا برز الاعلام الحكومي المتعطش لتهوين الراي العام واعادة الموازين لصالحه دون الرجوع الى اخلاقيات وقوانين الصحافة وضوابطها !
المشكلة الأكبر هنا هي مصدر التمويل. كيف يمكن لوسيلة إعلامية أن تحصل على دخل بديل للإعلانات بعيدا عن تأثير الممولين؟ الحل الوحيد المطروح حتى الآن هو أن تتكفل تلك الجهة السياسية بتمويل هذه المؤسسة دون غيرها لتوهين دور المواطن وجعله مهزوم الارادة والنفسية .
السببية والعلاج؟
خلال ما سبق رصدنا بعض الحلات التي طرأت على الإعلام بكافة صنوفه لذا وجوب الوقوف بحزم امام هذه الهجمة التي تريد اسقاطه وهنا يبرز دور ” المواطن “نفسه ان يعيد النظر بما سبق وان يتحلى بالشجاعة لتحرير نفسه من عبودية ما اسماهم اسياد وتيجان وحجيج والله المستعان.
صالح الشريف