عفّةُ الكلمة
لطالما نحن غارقون بعوالمٍ خياليةٍ متناسين عوالمنا الحقيقة ، منقادين لأشياء وهمية ، ومعارضات تضمر شرّاً من مكائد الشيطان، نجد أنّ الكلمات أصبحت عارية _تماماً_من غير جلابيب بألفاظ سحيقةٍ ، وحروف ثلمها اللؤمُ ، والإنحطاط ، والشتائم . كما أنّ ترهلاتٍ جنسيّةٍ سيطرت على أكوانٍ من المتخبطين ، المُحبطين بما لا يعني إلّا المجون وساقتهم إلينا غزاةً أنكى من أيّة حرب ، وإنّك إن مررت عليهم ناصحاً كون رأسك انخفض خزياً ، وانكساراً_لسماعهم_ قيل لك : ليس لك الحق بردعهم ،وسوف تلقى ما تلقى من القذف ، والشتائم تحت شعار (دعه يفعل ما يشاء طالما لم يؤذي أحدا… ) . يتساهلون مع أصحاب الخطيئة، ويبررون تسقيطهم، ولربما أفعالهم تريحهم لسبب واحد، وهو أنّ الإنسان يضمر خطاياه ،ويفرح عندما يشاهد تلك الإسقاطات، مع أنّ الحقيقة أنها إثبات لدونيتهم، فلألسنة قراراتهم تزعم أنهم ليسوا الوحيدون الذين يفعلون مثل هذه السفايف ، فعند غدوهم ورواحهم يشجعون من هم على شاكلتهم ،متناسين الخراب الغير مرئي _الذاتي والنفسي_، منكرين أن كثرة الكلمات المتدنيه على القلب ستذهب بريحهم ،ويتيهون في فراقات مريرات تبعدهم شيئا ،فشيئا عن طريق الله. معارك إبليس ضدنا نحن جنس البشر واضحة جليّة يلقي بفمك كلمة سحيقة حتى تستاغها، وتكبر شيئا فشيئا حتى تصبح فعلاً ، فأول الفعل كلمة . علينا أن نلبس كلماتنا روحاً قدسية كما البسنا الله روحا طاهرة وأن لا ندنس تلك الروح، والنفخة الطاهرة بكلماتنا وأفعالنا ، أو أفعالنا ،فنجعل العفة جزءاً من حياتنا وكلماتنا ،وحتى عندما نكتب ،شعراً ، أو نثراً ، أو مادون ذلك ، وبذلك ننجو من فقد أنفسنا في كل يوم ،فتصفحوا الكلمات التي تجول خواطركم ،وقولوا لها : (ماذا لو خسرنا العالم وربحنا طريق الحق ابتداءاً من الآن ). وأختمُ بما افتتحت به حروفي ، وهو أنّ العفة ليست قاصرة على الجسد وإنما بالكلام، فهي دعوة للتجرد من الكلمات الرديئة، وألّا نسيء لأحد بكلمات جارحة ،أو بكلمة إستهزاء ،أو أحتقار ،أو ازدراء لننزه أنفسنا بعفة كلماتنا، ونأخذ بها حيث الطهر ،واللطف، وإصلاح الأعوجاجات ، بذلك ستضئ أكدارنا .
نبراس الطالقاني