قراءةٌ في زيارةِ البابا
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
لقد تضمًّن عهدُ الإِمامِ عليٍّ (عليهِ السلامُ) إِلى عاملِه على مصرَ مالكٍ الأَشترِ (رضوانُ اللٰهِ عليه) منهجًا أَخلاقيًّا دينيًّا وإِداريًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا رصينًا به نجاحُ القادةِ ، وصلاحُ العِبادِ وسلامةُ البلادِ.
ومن ذلكَ الجزءُ المختصُّ بتنبيهِه إِلى وجودِ المسيحيين الأَقباطِ وسواهم من الطوائفِ الدينيةِ المماثلةِ أَوِ اليهوديةِ فضلًا عن عديمي الهُوِيَّةِ الدينيةِ الذي جاء فيه: (( وأَشعِرْ قلبَكَ الرحمةَ للرعيةِ ، والمحبَّةَ لهم ، واللطفَ بهم ، ولا تَكونَنَّ عليهم سَبُـعًا ضاريًا تَغتنُمُ أُكُلَهم ؛ فإِنَّهم صِنفانِ: إِمَّا أَخٌ لكَ في الدِّينِ ، أَو نَظيرٌ لكَ في الخَلْقِ ، يَفرُطُ منهمُ الزلَلُ ، وتَعرضُ لهمُ العِللُ ، ويُؤتَىٰ على أَيديهِم في العَمْدِ والخطأِ ؛ فأَعطِهم من عفوِكَ وصَفحِكَ مثْلَ الذي تُحبُّ وتَرضىٰ أَن يُّعطيَكَ اللٰهُ من عفوِه وصفحِه ؛ فإنَّكَ فوقَهم ، ووالي الأَمرِ عليكَ فوقَكَ ، واللٰهُ فوقَ مَن ولَّاكَ)).
شكرًا لكَ أَميرَنا الموجِّهَ الصادقَ والأَبَ الهاديَ يا أَميرَ المؤمنين (عليكَ السلامُ) ؛ فعهدُكَ يجدُ صداه كلَّ حينٍ عندَ العقلاءِ المنصفين ، وله مصاديقُه الآنيةُ لاستقرارِ الناسِ أَجمعين.
قال اللٰهُ سبحانَه: ﴿…ولَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَوَدَّةً للَّذينَ آمَنُوا الَّذين قالوا إِنَّا نَصارىٰ ذلك بِأَنَّ مِنهُم قِسِّيسينَ ورُهبانًا وأَنَّهُم لا يَستَكبِرونَ﴾ [المائدة/٨٢] ؛ فلنُقِمْ ظنَّنا على (مودَّتِهم) إِذًا لا على سواها ، ولسنا نخسَرُ شيئًا بوجودِ عالمٍ ورجالٍ همُّهمُ السلامُ والإِصلاحُ والتآخي.
وهذا ما نستثمرُه نحن جميعًا من موضوعِ زيارةِ (البابا) ليس إِلَّا ؛ فما أَحوجَنا إِلى الكلمةِ الطيبةِ. أَمَّا ما يُثارُ ويُقالُ ويُستَنتَجُ من قراءاتٍ تخويفيةٍ وسلبيةٍ ؛ فليست إِلَّا وجهاتِ نظرٍ مختصةً لأَصحابِها لم تَرِدْ في مضمونِ ديباجةِ تنظيمِ الزيارةِ لا في الوسائلِ ولا في الغاياتِ.