السيستاني.. الخلف الصالح

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
بقلم عبدالله الجيزاني
فرد ضمن سلسلة ابتدأت بالشيخ نصير الدين الطوسي مرورا بالسيد اليزدي وصولا للسيد ابو الحسن الاصفهاني، وتلاهم الى السيد محسن الحكيم فالخوئي واليوم السيد السيستاني.. من يدقق في السيرة الشخصية لكل واحد من هؤلاء الكرام؛ لايجد فرقا كبيرا في يومياتهم وتفاصيل حياتهم..
كلهم يعيش الكفاف ولاتمثل له الحياة الدنيا الا مجرد ممر ينتظر عبوره بلهفة؛ ليتخلص من عبأ المسؤولية الملقاة على كتفه من جانب، وليقابل ربه بصالح اعماله، لهذا تجد سمة البساطة والترابية والتواضع وعدم التكلف، في ملبس او مأكل وهجران الدنيا وزخارفها؛ هي الصفات المشتركة بين هذه الثلة من الرجال.
الاختلاف بينهم في ممارسة الصفة او المسؤولية، وهو موقع المرجع الاعلى للأمة حسب واقع الحال.. حيث تحدده الظروف المحيطة بالمرجعية ظروف البلد والمجتمع والعالم، لكن تبقى المصلحة العليا هي الحاكمة في حراك وتصدي ونشاط اي من المراجع..
هذه المصلحة هو من يجتهد بتحديدها، والغريب ان مثيري الشبهات على المرجعية ومواقفها، في حيلة وعجز أمام أي من هؤلاء الافاضل، تجد ان تعليل لموقف او فتوى ما شكلت ربما تساؤل في حينها من الشارع بل وحتى من الاتباع، ثم يتم ادراك علتها بعد سنوات او ربما قرون.
اليوم يتصدى السيد السيستاني لموقع المرجع الاعلى، في ظروف اقل ما توصف به، بأنها معقدة ومتشابكة ومترابطة لايفك خيوطها الا ذو بصيرة ثاقبة، مما سهل ويسهل على المناوئين كما هم يتصورون على الاقل؛ إثارة الشبهات والتشكيك وهي محاولات ليس جديدة، ومعروفة المصادر والاهداف والادوات..
بعض هؤلاء يسألون مثلا لماذا لايظهر السيد السيستاني للاعلام؟ ولماذا لايلقى خطابات للناس؟.. لماذا ولماذا؟
يحاولون أن ينفذوا بهذا لطرح شبهات تستند لهذه التساؤلات، وصلت حد نفي وجود السيستاني في الحياة!
هنا نطرح سؤال لاصحاب هذه الشبهات هل تبحثون عن السيستاني المرجع او الشخص؟!
اذا كان المرجع فالاجابة واضحة ولاتحتاج تساؤل، ويكفي الدور الذي تقوم به مرجعية السيد السيستاني من ٢٠٠٣ الى الان؛ وتكفي عشرات بل مئات المشاريع والنشاطات المختلفة التي تقوم بها المرجعية واذرعها، وتكفي انجازات العتبات المقدسة التي تعمل تحت نظر وتوجيهات المرجعية، يكفي ويزيد المئات من الوكلاء والمعتمدين في كافة انحاء العراق وخارجه.
اما البحث عن السيستاني الشخص فهو ليس له أهمية كبرى، لأن الرجل مخير في حياته وطريقة معيشته، والاليات التي يعتمدها في اداء وظيفته الشرعية، يظهر في الاعلام بشخصه او من خلال وكلاءه ومعتمدية واساتذة حوزته، او يلقى الخطابات او تلقى نيابة عنه، يقابل ناس ولايقابل اخرون، لسبب واضح ان هذه الامور الشخصية، لاتعني الامة بشيء مادام المرجع يوصل لها مايريد ويعتقد من نصح او توجيه او فتوى، ويقينا ان مايطرحه هؤلاء عن ظهور سماحته او غيره؛ لديه مبرراته الشرعية والعقلية، ومايمكننا التكهن به كثير، لكن ماذا سينفعنا إن عرف الناس الأسباب أم لا؟ وماذا يضيف لهم وماذا سيقدم او يؤخر؟!
ان البحث عن طرق واعذار لتوهين موقع المرجعية، كما اسلفنا ليس بجديد ولا هو حكر على المرجعية فقط، انما عانى منه الرسل والانبياء وخاتمهم نبينا الأكرم واهل بيته الاطهار..
ماتتعرض له المرجعية، ماهو الا إستمرار لمسلسل، عجز امام التسديد والحفظ الالهي عن تقويض موقعها في الامة مهما اشتدت الهجمة وتنوعت وافتقدت للكياسة والادب.
السيد السيستاني المرجع الذي اوقف بحكمته وحنكته وواقعيته، كبار العالم امام بيته، لايمكن لاحد ان ينال من وجوده الشريف ودورة الحاسم في مصير الدين والبلد، هذا ماثبت بالواقع والمواقف، ومنذ رحيل السيد الخوئي وتصدي سماحته للمرجعية، حيث تعاقبت ظروف وشدائد وفتن سوداء مظلمة، تمكن منها بالتسديد الالهي وماحبي به سماحته من حكمة وحنكة؛ مكنته ان يخرج منها اقوى واصلب ليصل إسمه الشريف الى اصقاع العالم كرمز للانسانية والسلام والتسامح..