التستُّر على الجُناة يُحرِّض على المزيدِ من العُنف، ويُثير الطائفيَّة والعُنصريَّة في المُجتمع
الإِتِّفاق النَّوَوي حاجةٌ ضروريَّةٌ لكلِّ الأَطراف المعنيَّة، سيعودُونَ إِليهِ بعدَ أَن يُخفِّض الجميع سقُوفَ مطاليبِهِ
١/ إِذا أَردنا أَن لا تُثار الشُّكوك والظُّنون بعدَ كلِّ عمليَّةٍ إِرهابيَّةٍ تشهدها البِلاد [كالجريمةِ الإِرهابيَّةِ التي طالت زُوَّار الكاظميَّة مؤَخَّراً] ينبغي أَن تتعامل معَها الدَّولة وأَجهزتها الأَمنيَّة والقضائيَّة بكُلِّ وضوحٍ وشفَّافيَّةٍ وبالقانُون.
التستُّر على الجُناة يُحرِّض على المزيدِ من العُنف، ويُثير الطائفيَّة والعُنصريَّة في المُجتمع.
تشكيلُ اللِّجان مِن دُونِ نتيجةٍ دليلٌ على التستُّر، منذُ حادثةِ [جسر الأَئمَّة] ولحدِّ الآن مروراً بملفِّ [الطَّرف الثَّالث].
٢/ أَمَّا فيما يخصُّ المُجتمع فينبغي عليهِ أَن لا ينساقَ خلفَ الجيُوش الأَليكترونيَّة التي تتعمَّد إِثارة الفِتنة من خلالِ التَّوظيف السِّياسِي السيِّء للجرائمِ التي يرتكبها الإِرهابيُّون.
يلزمنا أَن نُحاصر الجريمة بكلِّ أَبعادها ونُسمِّيها بِلا تعميمٍ من أَجلِ أَن لا ننزلقَ في المتاهاتِ التي يُخطِّط لها الإِرهابيُّون.
وإِنَّ أَوَّل سبُل محاصرتها هو تسمية المُجرمين ومَن يقِف خلفهُم ومَن يدعمهُم ومَن يحتضِنهُم ويُمكِّنهُم، فالتَّعميمُ أَو ضربُ الأَخماس بالأَسدادِ {بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ} لا يُساهِمُ أَبداً في خلقِ أَجواء التَّعايش السِّلمي المُجتمعي، بل العكس وذلكَ ما يرمي إِليهِ الإِرهابيُّون.
٣/ لقد فشِلت الحكومة في إِنجازِ أَيٍّ ممَّا وعدت بهِ العراقييِّن يومَ تشكيلِها؛
*ففشِلت في الكشفِ عن هويَّة [الطَّرف الثَّالث] الذي تلطَّخت يداهُ بدماءِ الأَبرياءِ في الإِنتفاضةِ التشرينيَّةِ الباسلةِ إِلى المرافقِ، والذي تستَّرت عليهِ الحكومةِ السَّابقةِ ما تسبَّب بإِسقاطِها ورميِها في مزبلةِ التَّاريخ.
*وفشِلت في الكشفِ عن هويَّة قتلَة النَّاشطين المَدنيِّين.
*وفشِلت في تنظيمِ وإِجراءِ الإِنتخاباتِ النيابيَّةِ المُبكِّرة.
*وفشِلت في مُكافحةِ الفسادِ فللآنِ لم تُسمِّ [عجلاً سميناً] واحداً على الأَقلِّ ليقِفَ خلفَ القُضبان ويُواجهَ القَضاء.
ولذلكَ خسِرت الحكومة الكثير من الدَّعم الشَّعبي الذي نالتهُ وتمتَّعت بهِ بداية تشكيلها بانتظارِ أَن يلمس منها العراقيُّونَ إِنجازات وأَفعال وليسَ استعراضاتٍ.
٤/ لا يتمتَّع رئيس الحكُومة بأَيَّةِ ميزةٍ يختلف فيها عن بقيَّة [العِصابة الحاكِمة] لتُمكِّنهُ من الدَّعوةِ لحوارٍ وطنيٍّ شاملٍ!.
فالعراقيوُّن شبِعُوا من هذا النَّوعِ من المشاريعِ الخاويةِ التي لم تُنتج سِوى المزيدِ من التفكُّك والصِّراعات بين السياسيِّين والمزيدِ من كلِّ هذهِ المُعاناةِ اليوميَّةِ التي يعيشها المُواطن.
إِنَّها جُهد المُفلسين كلَّما اقتربَ مَوعد الإِنتخابات، لإِعادةِ تقاسُم الكعكة التي يُعاد ترتيب أَحجامها بَين الفترةِ والأُخرى لتكفي كلَّ [العِصابةِ الحاكِمةِ].
٥/ من الصَّعبِ جدّاً أَن يُصدِّق العراقيُّون دعَوات السياسيِّين لمشاريعِ المُصالحةِ والحِوارِ ومواثيقِ الشَّرف وأَخواتها، فبعدَ [١٨] سنةٍ من الفسادِ والفشَلِ على كلِّ المُستويات، وبعد [١٨] عامٍ من الصِّراع على السُّلطة والنُّفوذ تحتَ عباءةِ الطائفيَّة والعُنصريَّة والحزبيَّة الضيِّقة، فمِن غَيرِ المعقُولِ أَبداً أَن يُغيِّرُوا جِلدَتهُم للبدءِ بتبني المشرُوع الوطني الحقيقي.
إِنَّ مثلِ هذهِ المشاريعِ بحاجةٍ إِلى عقليَّةٍ جديدةٍ ومنهجيَّةٍ جديدةٍ وأَدواتٍ جديدةٍ وخطاباتٍ جديدةٍ واصطفافاتٍ جديدةٍ، ولا يبدُو أَنَّهم قادِرُونَ على ذلك، والدَّليلُ هوَ أَنَّهم جميعاً عادُوا من جديدٍ لاصطفافاتهِم الدينيَّة والمذهبيَّة والإِثنيَّة.
بقراءةٍ سريعةٍ لطبيعةِ التَّحالُفات [الإِنتخابيَّةِ] التي تشكَّلت مؤَخَّراً فسيبدُو الأَمرَ جليّاً لا لبْسَ فيهِ.
دعواتهُم هذهِ دِعايةٌ إِنتخابيَّةٌ مُبكِّرةٌ ليس إِلَّا! تفضحُها حمَلاتُ نشرِ الغسيلِ القذِر المُتبادَل فيما بينهِم!.
٦/ لقاء القمَّة بين قداسة البابا والمرجعُ الأَعلى أَبرز فقَرات زيارتهِ للعِراق، ولذلكَ صبَّ الإِعلام العالمي كلَّ اهتمامهِ عليهِ.
٧/ في كلِّ دُوَل العالَم فإِنَّ النَّائب في البرلمان يُمثِّل كلَّ الشَّعب بغضِّ النَّظر عن حجمِ الدَّائريةِ الإِنتخابيَّة التي يُمثِّلها وطبيعتها الجغرافيَّة وكيفيَّة فوزهِ بمقعدِهِ، إِلَّا عندما فإِنَّ النَّائب يضيقُ تمثيلهُ، لغَياب الحسِّ الوطني ومفهُوم [الأَغلبيَّة والأَقليَّة] السياسيَّة! ولكَونِ النَّائب عندنا [عبداً] في خياراتهِ!.
٨/ برأيي فإِنَّ الإِتِّفاق النَّوَوي حاجةٌ ضروريَّةٌ لكلِّ الأَطراف المعنيَّة، ولذلكَ سيعودُونَ إِليهِ بعدَ أَن يُخفِّض الجميع سقُوفَ مطاليبِهِ ليلتقُوا في منتصفِ الطَّريق كما حصلَ عام [٢٠١٥].
د . نزار حيدر