الوطنية بين الحقيقة والشعار.
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
ابو الجواد الموسوي.
دأب مغردون كثيرون في العراق وخارجه، على اطلاق بعض الشعارات الرنانة، والعناوين البراقة خلف يافطات مختلفة ومتعددة، لكسب ود الجماهير واستمالة بعض الفئات المجتمعية، لجهة ما او حزب سياسي، للحصول على مكتسبات انتخابية، لإدامة البقاء في معترك الحكم والسلطة، من أجل مصالح شخصية ضيقة، دون الاكتراث بما يعاني الناخب والمواطن.
أحد الشعارات التي عزف على وترها، الطامحون بكرسي السلطان، حتى كاد أن يقطع ذلك الوتر، لشدة وكثرة ما طرق العازفون عليه، هو شعار الوطنية الذي اصبح قيثارة، معظم أولئك الذين لا هم لهم الا “الشفط والخمط” كما عبر بعضهم، غير مبالين لحقيقة ومعنى هذا العنوان العظيم، الذي تسيل الدماء من اجله وتزهق الارواح صيانة له، وتقاتل الابطال دفاعا عنه.
الوطنية مبدأ ثابت وهوية كبيرة وعنوان راسخ، يعتز ويفتخر به الوطنيون المخلصون، الذين يبذلون الغالي والنفيس، من أجل بناء أوطانهم وتحقيق العيش الرغيد والحياة السعيده، لشعوبهم وأبناء بلدانهم،
هي بمثابة القلب بل الروح من الجسد، تضخ الحياة والأمل في نفوس الامم والشعوب، كيف لا وقد وصف ذلك سيد الرسل (عليه وأله أفضل الصلوات ) بقوله حب الأوطان من الإيمان.
سؤال يطرح نفسه هنا، لماذا تكال التهم وتوجه اصابع الخيانة، وتطلق سهام التشكيك، على من ينادي حقا ويقول صدقا ويعتقد جازما بالوطنية؟
ناهيك عن حقيقة أولئك المهرجين، فانهم نفعيون يتلونون مع كل المشاريع والاجندات الخارجية، لاستغلال الفرص واستجداء بعض المكاسب الشخصية، التي تصب في مصالحهم الخالصة والعنصرية.
أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم وألهم آفضل الصلوات) أحدى الفئات التي كانت ضحية تلك الهجمة البربرية الشعواء، فقد كلفتهم كثيرا، وتعرضوا لأنواع الظلم والاضطهاد، والقمع والتهجير والتغييب في دهاليز السجون، ومصادرة الأموال والممتلكات، وقتل العلماء والنخب والاعدامات الجماعية لأبناء هذا المذهب، كل ذلك بدوافع سياسية مقيتة، بذريعة الانتماء لغير الوطن، أو بدعوى التجسس والخيانة العظمى.
الحق يقال أن (الوطنية الشيعية) لا يشوبها أدنى شك، فهم في أي بلد يقطنون، تجدهم أول المدافعين عن ارضه ومصالحه العليا، يبذلون الغالي والنفيس دونه، ألا ترى انهم يترنمون دوما بقول الشاعر،
بلادي وإن جارة علي عزيزة
واهلي وإن شحوا علي كرام
وهذا لم يأتي جزافا، بل لعمق الإيمان بهذا المبدأ، الناشئ من أدبياتهم وموروثهم الديني والاخلاقي.
هاهم الشيعة في لبنان قدموا قوافل من الشهداء، دفاعا عن بلادهم من الكيان الصهيونى، حتى تمكنوا من تحرير الجنوب، وكذا في الكويت عندما تم احتلاله من النظام الصدامي، كانوا أول من قاوم ودافع عن اراضيهم، وهكذا العراقيون منذ ثورة العشرين حتى الإحتلال الداعشي، الذي اباح المناطق الغربية برمتها، لكن الشيعة هبوا لنصرة أبناء وطنهم من اخوانهم السنة، وقدموا ألاف الشهداء والجرحى، حتى تحرير كامل الأراضي العراقية من براثن الدواعش.
كذلك في البحرين وفي المملكة العربية السعودية، وغيرها من دول العالم، تجد اتباع هذه المدرسة اشد الحرص على أوطانهم وأكثر تضحية لأراضيها.
البلدان تعمر بحب الأوطان، هذا ما قرره ولي الرحمن، وإمام الأنس والجان، أمير المؤمنين، فقال: (ما عمرت البلدان الا بحب الأوطان)..
الشعوب التي تعمر بلدانها وتخطط لصلاحها، وتستعد لمواجهة أي خطر قد يحدث لبلادها هي الشعوب التي تحب أوطانها، والعكس بالعكس فالذين يخربون بلادهم ويكونوا عملاءً وجواسيس لأجل مصالحهم الشخصية، فمثل هؤلاء لا إيمان لهم ولا شرف.
والمؤمنون المحبون لبلدانهم، تجدهم سعداء مهما كان حال بلادهم فهم متعايشون معه في سلمه وحربه وإذا ابتعدوا عنه حنوا إليه، فعنه (عليه السَّلَام) قال: (من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه، وحنينه إلى أوطانه، وحفظه قديم إخوانه).
هذه جذور واصل الوطنية الشيعية، ومن يشكك بذلك ويثير الشبهات فهو واهم ساذج على حد الجهل والتخلف، أو مغرض حقود مأزوم، يعيش اضطرابات نفسة وفكرية، كونه عاجز عن تقديم ابسط الأشياء تجاه وطنه وشعبه، حيث ان فاقد الشيء لا يعطيه.