الرصانة العلمية والاختبار الالكتروني
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
بقلم 🖋️ الشيخ محمد الربيعي
اليوم يضج طلبة الجامعات العراق ، من اجل المطالبة بالحق الذي يرونه مشروع ، بان يكون الاختبار للمعلومات العلمية التي تلقوها ( الامتحان ) لفصل الدراسي الاول ، الكترونيا ، بعد ان كانت طريقة التي تلقوا عن طريقها للمادة العلمية الكترونيا .
و خصوصا ان هذا نوع من القرار كان بناءا على ضرورة ، وجود فايروس كورونا ، الذي لا زال و بأعداد كبيرة جدا ، و السؤال ماذا تغير بالموضوع حتى يتغير ذلك القرار ؟!
و هل الاختبار الكتروني مخالف للرصانة ، بينما التعليم الالكتروني مطابق لها ؟!!!
السؤال الاخر و الذي داخل في كلامنا ماهي رصانة العلمية التي كانت شماعة تغيير القرار ، هل لها تعريف ثابت و منهجي ، قد لا تجد ، و لكن تستدل عليه من تفكيك العبارة لتصل الى معنى هو ان معنى الرصانة العلمية : الاتزان العلمي للمادة العلمية وان المادة العلمية هي المعلومات النظرية ، و التجارب التطبيقية ، و المتابعة الحسية لموضوع الدراسة و ما يخصه من تحليلات وافيه .
و بهذا السرد تكون تلك الرصانة العلمية متحقق سواء كان الامر الكتروني او حضوري .
وخصوصا ان سألنا السؤال الاهم هل اختبار الطلبة ( الامتحان ) هو غاية ام وسيلة ؟
الجواب :
مع الاسف يكتشف من وصل مرحلة الدراسة الجامعية أن التعامل مع مسألة الامتحان باعتباره غاية قصوى من عملية التعليم ، فهل ذلك هو التعامل الأمثل مع موضوع الامتحان؟.
هناك كتاب صادر عام 1938 ، الدكتور طه حسين ، و الذي ناقش فيه عدة امور مهمة لنهوض بواقع الثقافة و التعليم و منها موضوع الامتحانات ، و التي يرى أن التركيز على الامتحان كهدف أساسي من عملية التعليم أدى إلى فساد التعليم و بالتالي الأخلاق و السياسة .
و يوضح عميد الأدب العربي في الكتاب: الأصل في الامتحان أنه وسيلة و أنه مقياس تعتمد عليه الدولة لتجيز للشباب أن ينتقل من طور إلى طور من أطوار التعليم ، و هو مستعد لهذا الانتقال استعدادًا صحيحا أو مقاربًا ، هذا هو الأصل .
و لكن أخلاقنا التعليمية جرت على ما يناقض هذا أشد المناقضة ، ففهمنا الامتحان على أنه غاية لا و سيلة، و أجرينا أمور التعليم كلها على هذا الفهم الخاطئ السخيف ، وأذعنا ذلك في نفوس الصبية و الشباب، وفي نفوس الأسر، حتى أصبح ذلك جزءًا من عقليتنا .
و يرصد حال الطلاب فالصبي منذ يدخل المدرسة موجه إلى الامتحان أكثر مما هو موجه إلى العلم ، مهيأ للامتحان أكثر مما هو مهيأ للحياة متابعا: استحالت المدرسة إلى مصنع بغيض يهيئ التلاميذ للامتحان ليس غير ذلك .
وقد يجوز أن يجني التلاميذ من هذا المصنع شيئًا آخر غير الاستعداد للامتحان .
و يحذر عميد الأدب العربي من تصور الامتحان على هذا النحو ، قائلا أنه قلب للأوضاع ، و جعل التعليم وسيلة بعد أن كان غاية ، و جعل الامتحان غاية بعد أن كان وسيلة ، و حسبك بهذا فسادا للتعليم ، و لكن هذا لا يفسد التعليم وحده كما قلت ، بل هو يفسد العقل و الخلق أيضا ، موضحا: ما رأيك في الصبي الذي ينشأ على اعتبار الوسائل غايات و الغايات وسائل ، فيفهم الأشياء فهما مقلوبًا ، و يحكم عليها حكمًا معكوسا؟!
أتظنه يستطيع أن يفهم أموره الدراسية هذا الفهم المقلوب و يحكم عليها هذا الحكم المعكوس، ثم يفهم أمور الحياة فهما صحيحا و يحكم عليها حكمًا مستقيما؟!
و يشير إلى عواقب التفكير المقلوب: لافتا إلى ان هذا ليس كل ما في الامتحان من شر ، فللامتحان آثار سيئة تصل إلى الأخلاق من طريق قريبة يسيرة جدا ، أظهرها الغش الذي يأتي من حرص التلميذ على أن ينجح بأي حال من الأحوال .
و يؤكد أن الامتحان شر لا بد منه: “فلنتخفف من هذا الشر ما و جدنا إلى ذلك سبيلا ، و نجعله و سيلة لا غاية .
بعد ذلك نقول ان الامتحان انما هو وسيلة وليست الغاية حتى تزجوا الطلبة بالقلق النفسي او الموت بالاصابة ، و نرى السير نحو الامتحان الالكتروني اسلم و افضل و بعيدا عن التعقيد الغير مبرر .
السيد رئيس البرلمان المحترم ..
السيد رئيس مجلس الوزراء المحترم ..
السيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي المحترم ..
نتمنى النظر بلطف الى مطالب ابناءكم و عدم التعقيد و التقييد بقرار لا مبرر له ، بعد ان اوضحنا ان الامتحان و سيلة لا غاية من التعليم .
نسال الله حفظ طلبة العراق من كل بلاء و وباء .