كرفانستان
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
بقلم : خالد الثرواني
لجئ المهندس شريف (عادل إمام) وزوجته سعاد (يسرا) وابنتهما وابنهما ووالدته للسكن في كرفان خشبي بسبب هدم منزلهم، هذا مختصر بسيط الفيلم المصري “كراكون في الشارع” الذي انتج عام 1986 من القرن الماضي، وفي العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين لجئت الحكومات العراقية لتعميم نفس الفكرة في دوائرها وكان “الكراكون” أو الكرفان المبني من صفائح “الساندويج بنل” وتكون هذه الحلول الكارتونية في مهب الحرائق والحوادث.
لم تنسى بعد فاجعة مستشفى الناصرية المبني من الساندويج بنل على شكل كرفان كبير حين التهم اجساد العشرات من مرضى كورونا بحادث حريق، رغم ان تكلفة بناءه بلغت 300 مليون دينار بحسب تقديرات رسمية، ورغم ذلك الحادث المأساوي بقيت الكرفانات حل ترقيعي لمشاكل خدمية وتقصير حكومي، كان آخر هذه الحلول مكرمة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي لمدرسة أم النخيل في قضاء الدواية في ذي قار وتكرم وزير التربية بتشكيل لجنة تحقيق مع علمه بوجود الاف الابنية المدرسية الطينية والكرفانية الا ان الوزارة لم تحرك ساكن طوال السنوات السابقة لكن لمواقع التواصل الاجتماعي كلمة جعلت الوزارة تنتفض.
ما يميز المسؤول العراقي انه كسول الا عندما يتم تهديد منصبه، هنا يرفع راية الاعمار وحب العمل ليكون الكرفان الوسيلة الاسرع لتسجيل انجاز يتم تسويقه للإعلام، فالبناء الطبيعي يأخذ من الوقت الكثير وهذا قد يزيد من النقمة الشعبية ليكون اسكات الناس بالكرفان الحل السحري. سبب آخر يضاف الى ذلك هو سهولة الحصول على الحصة المعروفة من أموال الدولة فسلسلة التعامل هنا قصيرة ما يسهل الحصول على مبالغ أكبر في مقابل دورة الاحالة والمقاولة ووجود المندس المقيم وغيره من الروتين العراقي الرسمي المعروف في طرح المشاريع.
يبدو ان مشهد الكرفانات الذي ساد الشوارع والساحات باق في ظل دوامة الفساد واللا مسؤولية اللذان جعلا البلاد دون هوية معمارية فحتى المواطن لجئ الى حلول الدوائر الحكومية السهلة دون الالتفات الى خطورة مثل هكذا أبنية فهي عرضة للحرائق بفعل النوعية الرديئة التي تستخدم في البناء فكاتب هذه السطور يتمنى ان يمتلك بيتا كرفانيا يخلصه من قسوة الايجار.
هنا لابد أن نشير الى تجربة نجحت في التصدي لازمة نقص الاسرة إبان أزمة كورونا فالعتبتان المقدستان نجحتا ببناء عشرات المستشفيات من السندويج بنل مع مراعاة الاحتياطيات الامنية فكانت ناجحة امام كل الظروف المحيطة، على العكس من الفشل الذي سجلته العشرات من مؤسسات الدولة في هذا المجال وجعلت البلاد ضمن مجموعة الدول التي تنتهي بكلمة (ستان) بمعنى أرض ليكون العراق كرفانستان.