ازمة الطاقة العالمية وشرق المتوسط
تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»
بقلم : المهندس عبدالرحمن نوري خبير نفطي واقتصادي
منذ سبعينات القرن الماضي ازدادت احتياجات العالم للطاقة وخاصة الغاز بعد سيطرة الولايات المتحدة على منطقة الشرق الاوسط حيث تخمرت افكار ابتدعها اباطرة الدولة العميقة باضافة بعد اقتصادي للتعاملات في البورصة النفطية.
ظهرت فكرة البترودولار اي تسعير بالنفط بالدولار فقط
وفك ارتباط الدولار عن الذهب.
كان ذلك من اكبر الصدمات التي نفذتها ادارة الرئيس الامريكي نيكسون في سبعينات القرن الماضي. بدأ بعدها الانخفاض التدريجي في قيمة الورقة الخضراء. وصلت قيمة الدولار السوقية الى حدود 1/18 من قيمته قبل عام 1970.
ولازال العالم يعيش حالة من الاضمحلال الاقتصادي بسبب معادلة كل موارد الارض بورقة لاقيمة لها.
كان لابد من ابتكار الية لتسعير النفط بدلا” من العرض والطلب الحقيقي بوجود هذا الانخفاض الهائل في قيمة العملة .
تم اختيار نظام نفط برنت وغرب تكساس كاساس لتسعير النفوط العالمية.
وهو في الحقيقة الية غير حقيقية تتحكم بالعرض والطلب من خلال منصات التداول الرقمية ( كمية النفط التي تنتج من هذه الحقول غرب تكساس وبرنت لاتمثل الطلب ولا العرض الحقيقي ) .
كان نزول اسعار النفط غرب تكساس الى حدود سعرية تحت الصفر اقل من – 20 وهي فضيحة مدوية حاولو تبريرها باسباب مضحكة.
ما يهمنا ان اسس ارتكاز العالم بات تحت سيطرة القطب الواحد وكانت الغزوات العسكرية تهدف الى معاقبة الدول التي تحاول تسعير نفوطها بعملات غبر عملة الدولار مثل العراق وليبيا ، لابقاء المعادلة كما هي وهي التسعير والتداول بالدولار.
في العقد الثاني من القرن الحالي بعد اقتراب الناتج القومي الصيني من مستوى الامريكي وازدياد احتياجات العالم من الطاقة الاحفورية كان لابد من وضع مصادر جديدة للطاقة بدل الاعتماد المطلق على الطاقة الروسية المهيمنة على اوربا الغربية.
ظهور الغاز في شرق المتوسط، بكميات كبيرة بين مصر واسرائيل جنوبا وامتداد الساحل السوري واللبناني بمخزون هائل ، وصل لنحو 3455 مليار متر مكعب من الغاز، و1.7 مليار برميل من النفط، تراوح قيمتها التسويقية ما بين 700 مليار، و 3 تريليونات دولار أمريكي، وفق تقرير هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية الصادر عام 2010.
وبعد ترسيم الحدود البحرية بين هذه الدول بدأت عمليات البحث والتنقيب التي أسفرت عن اكتشاف حقل ظهر المصري العملاق، من جانب شركة إيني الإيطالية عام 2015، وتقدر احتياطاته بـ850 مليار متر مكعب.
كما تم اكتشاف حقل أفروديت القبرصي أمام سواحل مدينة ليماسول عام 2011، ويقدر مخزونه بـ140 مليار متر مكعب، كما تستخرج إسرائيل الغاز من عدد من الحقول أبرزها حقل تمار، المكتشف في 2009، وتقدر احتياطاته بنحو 280 مليار متر مكعب، وحقل ليفياثان الذي تم التعرف على إمكانياته التجارية عام 2010، وتقدر احتياطاته بـ620 مليار متر مكعب، وحقل تانين في 2012، وتقدر احتياطاته بـ34 مليار متر مكعب، وحقل كاريش (محل النزاع بين إسرائيل ولبنان) في عام 2013، وتقدر احتياطاته بـ51 مليار متر مكعب، وحقل رويي المكتشف 2014، وتقدر احتياطاته بـ90 مليار متر مكعب من الغاز.وهذه الاكتشافات جعلت المنطقة محط صراع بين العمالقة والدول الاقليمية.. وادت الى ظهور صراعات مباشرة وغير مباشرة حول هذه الثروات المكتشفة
اكتشاف غاز حقل عكاز في صحراء الانبار باحتياطيات تتجاوز اكثر من 5.8 ترليون قدم مكعب وامتدادات الغاز القطري والايراني اضاف تحديات وتنافس جديد لمن له السبق في تعويض الغاز الروسي الذي تمرد على نظام تسعير النفط والغاز بالدولار.
امريكا التي وضعت واحتكرت الطاقة الاحفورية اصبحت تدافع بقوة للحفاظ على موقعها الحاكم و تحركت باتجاه السعودية ومصر لانشاء تحالف جديد لحماية مصادر الغاز والنفط بين مصر والعراق ودول شرق المتوسط لايقاف الزحف الروسي الايراني واعادة معادلة التوازن السعرية القديمة الى التداول من جديد .
الشرق الاوسط تنتظره تغيرات وصراعات سياسية تبدأ من العراق وتنتهي في اليمن وسوريا وايران حول مصادر الطاقة والمياه.
ايران تدخل حلقة الصراع بالدفع لاعتمادها كمورد رئيسي للعراق وتركيا واوربا في المقابل تركيا تحاول تجاوز الغاز الايراني واعتماد الكميات المنتجة من شمال وغرب العراق حيث وصل انبوب الغاز الى الحدود التركية وتحاول تامينه عبر قواعد عسكرية ثابتة ومتحركة .
العراق اصبح من جديد مفتاح الشرق الاوسط الجديد ومحط الصراع بين العمالقة .
عبدالرحمن نوري محمد