لا شك أن الشائعة تنمو وتتطور حسب ثقافة المجتمع وقوة وتعدد الإعلام فيه، فحين يكون المجتمع منقسما وغير متماسك وترتفع فيه نسب الأمية الفكرية وليست التعليمية وينتشر فيه الفساد الإداري والمالي ويشهد تفككا للأسر السياسية الحاكمة فيه؛ حينها ستجد الشائعة بيئة أولى للعيش بعد أن توفر لها البيئة الثانية (وسائل الإعلام) التي تكمن في تعدد الوسائل الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية والأخيرة أخطر الوسائل الثلاثة، وهذا هو النوع الأول من الإعلام الذي يعد أقل خطورة من النوع الثاني المتمثل ب (مواقع التواصل الإجتماعي)، ويرجع السبب إلى أن النوع الأول تديره في العادة مؤسسات تخشى القانون، بينما تدير النوع الآخر مؤسسات وأفراد وهنا يصعب مجابهتهما خاصة وأن النوع الآخر يحتوي خاصية “المجهولية” للناشر، تمكنه من إنشاء صفحات وهمية أو خفية تنشر شائعات تستهدف طرفا سياسيا أو جهة حزبية؛ لتحقق هدفها مثل التسقيط أو التشهير.
في العراق.. تطورت الشائعة بشكل متدرج وبالأخص بعد تعدد وسائل الإعلام ودخوله حيز مواقع التواصل الإجتماعي، وكان لكل حكومة بعد الفين وثلاثة نسبة معينة منها، لكن اللافت للنظر أن الحكومة الأخيرة شهدت نسبة عالية من الشائعة، تمثلت في بروز حسابات وصفحات في مواقع التواصل الإجتماعي وخاصة موقع “فيس بوك”، وتكمن محاور هذه الظاهرة الغريبة في:
أولا: كثرة إنشاء الحسابات والصفحات الوهمية.
ثانيا: تمد تلك الحسابات والصفحات حسابات وصفحات معروفة بالأخبار الزائفة والكاذبة، بيد أن الحسابات والصفحات المعروفة تنشر تلك الأخبار عن جهل بحكم أن تفكيك الأخبار يحتاج خبرة أمنية أو إعلامية؛ أو بنية الكره للجهة المستهدفة من بث الشائعات أو النشر لأهمية المادة المنشورة.
ثالثا: تختفي تلك الحسابات والصفحات بعد مدة معينة أو تغير أسمائها.
رابعا: كانت إحدى مقومات تفكيك الشائعة ومعرفة الجهة الناشرة هو الرجوع للمصدر الناشر الأول، لكن تلك الصفحات صارت تعطل أو تمسح بعد دقائق من نشر الشائعات، وهنا تكمن خطورة الشكل الجديد من الشائعة.
خامسا: تستهدف الشائعة الجديدة في العراق على الأغلب أشخاصا وليس أحداثا أو موضوعات، وهذا ما يجعلها أشد تأثيرا؛ حيث أن الشائعة المتوجهة نحو الأشخاص تظل مرافقة لهم ولو بنسبة قليلة، فإختفائها عن النشر في المستقبل لا يعني إختفائها عن الصورة الذهنية للجمهور.
هناك أمثلة كثيرة عن الشائعات في الفترة الأخيرة كألقاء القبض على فلان الفلاني أو الغاء المادة القانونية الفلانية أو ستوزع أموالا لفئة معينة أو تقطع رواتب الجهة الفلانية وهكذا…. ولكن الغرض هو مدح شخص أو قدحه حسب نوع الخبر.
ومن أشهر الشائعات هي: وزارة المالية ستوزع الرواتب كل أربعين يوم، عشائر سيد دخيل تحاصر جهاز مكافحة الإرهاب، إعتقال وكيل وزير المالية طيف سامي، زواج الإعلامية نوار عاصم من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي. وبالتأكيد كل تلك الأخبار زائفة.
الباحث . محمد جابر الرفاعي