المقالات

بين سجين النبوة وسجين الولاية

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «وكالة نسيم كربلاء الخبرية»

نبي الله يوسف ص
والامام الكاظم ع

كان سيدنا يوسف ص قد سجن في سجن أعظم الدول شأناً في قضية أخلاقية لكنه كان يحمل رسالة إيمانية وهي عقيدة التوحيد لكنه كان يقدمها مع منظومة أخلاقية متمثلة بالتزامه هو بمبادئها فرسالته مختصرة بما يلي:-
أولاً:-دعوة للتوحيد متوجة بمكارم الأخلاق.

ثانياً:-بيان أن الإيمان لا يعني التخلي عن هموم الناس ومشاركة المؤمنين لغيرهم من الناس وان اختلفت عقائدهم في إيجاد الحلول لمشاكلهم الدنيوية ، فالدنيا مزرعة الآخرة ، فكان قد برهن أن الأنبياء دعاة التوحيد هم الأعظم علماً ومعرفة في حل معضلات الحياة من الحكام وحواشيهم وإن ادّعو العلم والمعرفة ، فكانت الخطة الإقتصادية التي وضعها نبي الله يوسف ص لمواجهة القحط والمجاعة برهاناً على إيجابية المؤمن في صناعة الحياة ونشر السلم والأمن فيها ووجوب مشاركته وعدم انعزاله

أما الإمام الكاظم ع فقد كان في زمن أمة موحدة ولكن التوحيد الذي جاء به جده صلى الله عليه وآله وسلم كان قد فقد منظومته الأخلاقية بتسلط الملوك الذين حولوه لطلب الدنيا وتوسيع الملك على حساب المبادئ العليا التي يمثلها الدين ، هذا هو حال الدولة مع الخارج أما حالها من الداخل فهو صراع مرير على الملك وبقائه ، وتصفية للحسابات وانهماك في الملذات وتكالب على الغنائم باسم الإسلام
كما وجد في المؤسسة الفقهية رضوخاً لأهواء السلاطين وجموداً في فهم النصوص لصالح التضييق على سعة دلالات الفاظ الوحي والنبوة

فكانت أهم المعالم التي عمل عليها في مسيرته الإصلاحية:-
أولاً إعادة الملازمة بين الإيمان والمنظومة الأخلاقية فكان أن اشتهر بكظم الغيظ ذلك الخلق الذي جعله الله علامة للمتقين فقال(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
واستمر الإمام بصبره وتحمله رغم سجنه عدة مرات كان ينال فيها محبة سجانيه ولم يبد لأنصاره جزعاً ولم يأمرهم بفعل شيء رغم أنهم كانوا يملؤون بغداد .
بل كان تركيزه على ترسيخ المعاني الإنسانية التي كادت أن تغيب في زخم قوة الدولة آنذاك وعنفوانها فكانت أقواله هكذا
يقول ( عليه السَّلام ) : ” عَوْنُكَ لِلضَّعِيفِ مِنْ أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ ” و قَالَ : ” السَّخِيُّ الْحَسَنُ الْخُلُقِ فِي كَنَفِ اللَّهِ لَا يَتَخَلَّى اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ، وَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً وَ لَا وَصِيّاً إِلَّا سَخِيّاً ، وَ لَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ الصَّالِحِينَ إِلَّا سَخِيّاً ، وَ مَا زَالَ أَبِي يُوصِينِي بِالسَّخَاءِ حَتَّى مَضَى
وقال(عليه السلام): ليس حسن الجوار كف الأذى ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى
وقال(عليه السلام): ينادي مناد يوم القيامة ألا من كان له على الله أجر فليقم فلا يقوم إلا من عفا وأصلح فأجره على الله.
وهكذا إلى أن مضى شهيداً صابراً ناصحاً للأمة حاكمها ومحكومها

ثانياً:- أما موقفه تجاه الصراع على السلطة باسم الدين فكان يُنتظر منه أن يعمل على تجنيد الأتباع لإستلام زمام الأمر فهو الأحق به مكانة وعلماً ونسباً، لكنه أراد كآبائه أن لا يفارق مقامه في الأمة وميراثه الأسمى ، فهوالأعظم من مناصب الدنيا مهما تزينت ، ولذلك أطفأ فتيل هذا الصراع بفعله وقوله فكان مما قال ع (من طلب الرئاسة هلك )
وهو القائل (إذا كان الإمام عادلا كان له الأجر وعليك الشكر وإذا كان جائرا كان عليه الوزر وعليك الصبر)
هكذا كان يوجه أتباعه بصدق وأمانة فهو حقاً وريث النبوة وسليل الوحي وبقية أئمة الهدى والنور فما السلطان مهما عظم إلا واحداً من رعاياه .

 

ثالثاً:-أما رسالته الى المؤسسة الفقهية في زمانه التي كانت منشغلة في تدوين الروايات مع فهم فقهاء الأمة حيث بدأ التمذهب والجمود على أقوال المجتهدين فكانت رسالته واضحة فهو القائل
يَا هِشَامُ مَا بَعَثَ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ إِلَى عِبَادِهِ إِلَّا لِيَعْقِلُوا عَنِ اللَّهِ ، فَأَحْسَنُهُمُ اسْتِجَابَةً أَحْسَنُهُمْ مَعْرِفَةً ، وَ أَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ عَقْلًا ، وَ أَكْمَلُهُمْ عَقْلًا أَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ .
يَا هِشَامُ : إِنَّ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حُجَّتَيْنِ : حُجَّةً ظَاهِرَةً ، وَ حُجَّةً بَاطِنَةً ، فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ وَ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَئِمَّةُ ( عليهم السلام ) ، وَ أَمَّا الْبَاطِنَةُ فَالْعُقُولُ ”
ولكي يجمع بين منظومتي الأخلاق والعلم المعتمد في فهمه على العقل وبذلك كمال الدين قال عليه السلام
يَا هِشَامُ، لَا دِينَ لِمَنْ لَا مُرُوَّةَ لَهُ، وَ لَا مُرُوَّةَ لِمَنْ لَا عَقْلَ له

فسلام على كاظم الغيظ في المصلحين
وسلام عليه في الصابرين
وسلام عليه في الهادين المهديين

السيد عبدالقادر الآلوسي
محمدي أبو صالح الحسني

#الاسلام_المحمدي

اترك رد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
بحضور شخصيات أكاديمية وسياسية المعهد التقني النجف يشهد افتتاح النادي الطلابي مجلس المحافظة يصوت على اختيار المحافظ ونائبيه بلدية العمارة جهد مستمر في اعمال الصيانة والأكساء لشوارع مناطق المحافظة الزهيري يطلق نظام إدارة ومتابعة خطة البحث العلمي في جامعة الفرات الأوسط التقنية السيد الصافي: وجود السيّد السيستاني في العراق يمدّ المواطنين بالطمأنينة وكلامُه بلسم للجراح المرجع الأعلى السيد السيستاني (دام ظلّه) يعزي بوفاة العلامة الشيخ محسن علي النجفي (رحمه الله تعالى) خلال لقائه “اللامي” .. “السوداني” يؤكد حفظ حق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة ! رئيس الوزراء يحذر من الردّ المباشر على استهداف السفارة الأمريكية من دون موافقة الحكومة محمود المشهداني يزور نقابة الصحفيين العراقيين ويشيد بالدور الفاعل للنقابة والأداء المهني والإداري في... الشيخ الكربلائي يتشرف باستقبال نجل المرجع الديني الاعلى سماحة السيد محمد رضا السيستاني في منزله